يرى الأمين العام للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري في اليمن، أن الأفراد في قيادة الشرعية وحكومتها عبارة عن رموز قابلون للتغيير بأي لحظة من اللحظات، وأن قيادة الشرعية فشلت فشلا ذريعا في إدارات الدولة، وباتت عاجزة عن تقديم الخدمات العامة للمواطنين، وتثبيت الأمن والاستقرار في المناطق المحررة، وحمل الرئيس هادي ونائبه علي محسن مسؤولية سلسلة الهزائم المتلاحقة للقوات الحكومية، وشدد على إنقاذ الشرعية من خلال إزاحة الفريق محسن من موقعه. وقال: إن التنظيم الناصري، كان يدرك من وقت مبكر ما ستؤول إليه الأمور نتيجة غياب الاستراتيجية الموحدة في المسارين السياسي والعسكري، ونتيجة الفساد في إدارة الدولة.
يأتي التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري في مقدمة الأحزاب اليمنية، من حيث المواقف السياسية الناقدة حيال الأزمة اليمنية الراهنة بصورة عامة، وحيال الوضع السياسي والعسكري والإداري المختل في صفوف الحكومة الشرعية التي يساندها.
وشكل التنظيم الناصري حضورا لافتا في الساحة اليمنية، بسبب مواقفه التي عبر عنها أمينه العام المحامي عبدالله نعمان، مستخدما الشفافية في مخاطبة الجمهور اليمني بما يتعلق بالقضايا المثيرة للجدل في المشهد اليمني، وكان نعمان أول سياسي يمني وصف ما حدث من استيلاء على السلطة من قبل الحوثيين واستحواذهم على القرار السياسي في اليمن، في 21 سبتمبر/كانون الأول 2014، أنه “انقلاب مكتمل الأركان”، وخلال حوارات القوى السياسية وجماعة الحوثيين، رفض نعمان التوقيع على اتفاق السلم والشراكة، إلا بعد توقيع الحوثيين على الملحق الأمني والعسكري في العام 2015.
وبقي سياق مواقف أمين عام الناصريين في العديد من القضايا متماسكا، في كل التصريحات والمقابلات والمؤتمرات الصحفية مع وسائل الإعلام.
وفي الخامس من مارس/آذار2020، عقد عبدالله نعمان مؤتمرا صحفيا في تعز جنوبي البلاد، تحدث فيه حول تفاصيل العديد من القضايا، وأعلن عن مواقف جديدة أثارت جدلا واسعا بين قيادات الصف الأول في الحكومة اليمنية والأحزاب السياسية.
وفي بداية حديثه للصحفيين، أشار إلى موقف التنظيم الذي رفض التدخلات الخارجية في الشأن اليمني، بداية الحرب في العام 2015، محملا الحوثيين كامل المسؤولية في إشعال الحرب الدائرة في اليمن، واستدعاء التدخل الخارجي، وهو ما كان حزبه يرفضه ولا يقبل به.
ورمى المحامي عبدالله نعمان، الكرة في ملعب قيادة الحكومة الشرعية التي تدير البلاد من العاصمة السعودية الرياض، وقال إن “الشرعية في مفهومنا هي، مجموعة القواعد والإجراءات المنظمة لعملية الانتقال السلمي للسلطة، وإدارة الدولة للفترة الانتقالية، والمؤسسات هي مجرد أدوات لهذه الشرعية، والأفراد هم رموز قابلون للتغيير في أي لحظة من اللحظات”.
وتحدث للصحفيين، عن القرارات التي يتخذها قيادة الشرعية بعيدا عن التوافق في إدارة المرحلة، مذكرا بالقرار الذي اتخذه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في أبريل/نسيان 2016، بإعفاء نائبه ورئيس حكومته خالد محفوظ بحاح، وإبداله بشخصية مثيرة للجدل، إذ حل مكانه في منصب نائب الرئيس الفريق على محسن الأحمر، الذي وصفه نعمان بتاجر الحروب ومظلة الإرهاب، ورجل الإخفاق والفشل، والهزائم.
واعتبرا التنظيم الناصري والحزب الاشتراكي اليمني، أن هذا التغيير يهدف إلى إطالة أمد الصراع في اليمن، فيما اعتبر حزب التجمع اليمني للإصلاح من خلال وسائل الإعلام المقربة منه أن التغيير يأتي لمعالجة إخفاقات المرحلة السابقة، وفي الواقع كان القرار انتصار للرؤية السعودية التي تسعى إلى اعادة الملف اليمني إلى يدها، فعلي محسن الأحمر يعتبر رجل السعودية المخضرم، والرجل الأول بحكم الأمر الواقع في الاستحواذ على قرارات الحكومة اليمنية.
وفتح تعيين محسن بدلا عن بحاح بابا جديد للصراع في المناطق الواقعة تحت سيطرت الحكومة الشرعية بين الفصائل والمكونات المساندة لها؛ إلى جانب الصراع الذي تخوضه القوات الحكومية بالفعل مع المتمردين الحوثيين، كما دخلت الحكومة الشرعية في فوضى القرارات والتعيينات الرئاسية في مناصب المؤسسة العسكرية والأمنية والمدنية، بينها تعيين شخصيات مشبوهة ومرتبطة بطريقة أو بأخرى بالجماعات الإرهاب في مناصب قيادية بالجيش التابع للحكومة اليمنية.
وكان التنظيم الناصري، قد تقدم خلال العام 2017، للرئيس هادي، برؤية حدّد فيها أولويات المرحلة والمهام الأساسية التي يجب إنجازها بما يحقّق التلازم بين إنجاز مهمة إسقاط الانقلاب واستعادة الدولة وإعادة بناء المؤسسات وفق مضامين مخرجات الحوار، وتصويب الأخطاء ومعالجة الاختلال وأوجه القصور الناجمة عن غياب الرؤية المشتركة، والقيادة الموحدة من الشرعية والتحالف الداعم لها، للتعامل مع الأزمة وإدارتها، إضافة إلى تشكيل حكومة كفاءات مصغرة تعمل بشكل مؤسسي من العاصمة الموقّتة عدن، وهذه النقطة اعترضت عليها بعض الأحزاب حينها، وطرحت في المقابل إجراء تعديل وزاري على حكومة أحمد عبيد بن دغر التي كانت قائمة، وتحدثت رؤية الناصري أيضا، عن تشكيل هيئة استشارية من قبل الرئاسة بالتنسيق مع المكونات السياسية، تشمل عدداً من الضباط المحترفين والمشهود لهم بالقدرة والكفاءة والمهنية، تتولى وضع إجراءات موحّدة لعملية دمج واستيعاب المجاميع المسلحة ووضع برامج موحّدة للتدريب والتأهيل والإعداد النفسي وبناء العقيدة القتالية على أساس وطني، كما تقوم هذه الهيئة بترشيح القيادات العسكرية والأمنية لشغل المواقع القيادية في الألوية العسكرية والأمنية والقيادات العليا في أجهزتها وتشكيلاتها العليا، ويكون لهذه الهيئة لجان تابعة على مستوى المركز والمحافظات تتولّى التنفيذ والإشراف على عملية الدمج والاستيعاب والتأهيل والتدريب، كما تضمنت إلغاء القرارات والتعينات والتكليفات الصادرة منذ 21 سبتمبر/أيلول 2014 بالمخالفة للقانون والدستور ومخرجات الحوار الوطني ومعايير الوظيفة العامة، والتوافق السياسي الحاكم للمرحلة، ومثلت عبئاً كبيراً على الخزينة العامة. وبعد ثلاث سنوات من تقديم أمين عام التنظيم الناصري هذه الرؤية للرئيس هادي، تحدث نعمان مرة أخرى عن قرارات التعيين التي تصدر في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية لكوادر مدنية، وقال، إنها أدت إلى الإخفاق في قيادة المعارك، وتأجيل حسم المعركة مع المتمردين الحوثيين.
وحمَّل نعمان، الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، ونائبه الفريق علي محسن الأحمر، مسؤولية سلسلة الهزائم العسكرية المتلاحقة للقوات التابعة للحكومة الشرعية. ويرى الأمين العام للناصرين، أن إنقاذ الحكومة الشرعية حتى لا تقع في المزيد من الانكسارات والنكسات، لن يتحقق إلا من خلال إزاحة الفريق علي محسن الأحمر من موقعه.
وأنفق نعمان نحو ثلاث ساعات في حديثه مع الصحفيين عن سلسلة من الأخطاء لقيادة الشرعية وقيادة التحالف العربي، التي أدت إلى إطالة أمد الحرب، واتاحة فرصة لتصعيد العمليات العسكرية من قبل الحوثيين والسيطرة على مناطق جديدة كانت تحت سيطرة قوات الحكومة اليمنية. وفقا لنعمان، أن هزيمة الحوثيين لم تكن مستعصية في أي لحظة من اللحظات، وأن السبب الأبرز في إطالة أمد الحرب هو الاختلال الذي ساد وشاب أداء الشرعية والتحالف المساند لها، ومن وجهة نظره أن اتفاقية ستوكهولم أتاحت لقوى الانقلاب الفرصة في إعادة ترتيب صفوفها وإلحاق الهزائم بقوات الحكومة الشرعية، بدءاً بالسيطرة على منطقة حجور في محافظة حجة، شمالي غرب اليمن، إلى الضالع جنوبا، ثم جبهات نهم والجوف شمال شرق البلاد.
الهزائم المتلاحقة في صفوف القوات الحكومية، هي نتيجة طبيعية لعدم إعطاء قيادة الحكومة الشرعية، الاهتمام اللازم لبناء وتأهيل جيش مؤسسي وتجهيزه بالأسلحة والعتاد والآليات، ولا سيما بعد أن توفرت الظروف المناسبة لإنجاز هذه المهمة في المناطق التي حررت من سيطرة الانقلابيين. واكتفت قيادة الحكومة الشرعية عند دمج ما كان يعرف بالمقاومة الشعبية في الألوية العسكرية، بالدمج الصوري، الذي لم يؤد إلى انصهار كيانات الجماعات المستوعبة، وإعادة تشكيلها وفق المفاهيم العسكرية وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط من الفصائل المندمجة، وتحويلها إلى تشكيلات يقودها ضباط مؤهلون، من خريجي الكليات العسكرية، فظلت كل جماعة محتفظة بكيانها داخل المعسكرات، وتوقفت إجراءات الدمج عند حدود الترقيم للأفراد وضم أسمائهم إلى قوة الألوية العسكرية في الكشوفات، دون تأهيل أي معسكرات لاستقبال الأفراد الذين تم استيعابهم، إضافة إلى غياب البرامج الموحدة للتأهيل البدني والقتالي وتكوين عقيدتهم القتالية على أسس عسكرية.
وتشكلت منذ العام 2015، العديد من المجاميع المسلحة، تحت مسميات ألوية عسكرية، في كل من تعز وعدن وحضرموت وشبوة ومأرب والجوف، والساحل الغربي، وتتعدد تبعية هذه التشكيلات العسكرية بين الحكومة اليمنية، والفريق علي محسن الأحمر، والمجلس الانتقالي الجنوبي، وحزب التجمع اليمني للإصلاح، والعميد طارق صالح، والسلفيين، وقيادة التحالف العربي، هذا التعدد في الولاءات أدى إلى تعدد مصادر القرار والتعليمات والتخطيط في مسارح العمليات العسكرية، وكانت الخسائر الميدانية للحكومة الشرعية هي نتيجة طبيعية لهذه الفوضى في صفوفها.
يقول نعمان إن التنظيم الناصري ومن وقت مبكر كان يدرك ما ستؤول إليه الأمور، من بقاء أفراد المقاومة كمجاميع لا تنضوي تحت قيادة عسكرية واحدة في كل محافظة ثم على مستوى الجمهورية، مشيرا إلى أن التنظيم الناصري دعا في بيان أصدره في 1 يونيو/حزيران 2015، إلى توحيد المقاومة تحت قيادة واحدة، وحذر من بقاءها بهذه الطرق المشتتة والممزقة الذي سيجعلها جزر متقاتلة بعد إنجاز عملية التحرير، وهذا ما حصل.
وأضاف: “أن حالة العجز لدى قيادة الحكومة الشرعية في إدارة الدولة مستمرة، ولم تستطع إعادة بناء مؤسساتها، وتوفير الخدمات الضرورية للسكان”، مشيرا إلى أن قيادة الحكومة الشرعية فشلت فشلا ذريعا في تثبيت الأمن والاستقرار في المحافظات المحررة، نتيجة الأساليب الإدارة التي كرست الفساد في مؤسسات الدولة، وهيمن مكون سياسي على أجهزة ومفاصل الدولة. رغم النداءات المتكررة في إعادة النظر في إدارات الدولة، والتي أطلقها تنظيمه وحذر من عواقب تجاهلها، وكان معه كثير من القوى السياسية.
ومن الحديث عن مؤسسات الحكومة الشرعية أنتقل نعمان للحديث عن الإعلام الذي يشن منذ ثلاثة أعوام حملات تحريضيه ضده، إذ ظهرت مواقع اخبارية وقنوات متعددة وجهت لاستهداف أمين عام الناصريين وتتهم حزبه بتنفيذ أجندة سياسية لدولة الإمارات، إضافة إلى إتهامه بتشكيل غطاء للإرهاب، ومؤخرا ساهمت قناة الفضائية اليمنية الرسمية في هذه الحملة، وهاجمت المحامي نعمان، الذي أوضح أن الحملات الإعلامية المظللة متوقعة، كون التنظيم الناصري يواجه مراكز القوى ومشاريع التربح من الحرب، وقال: “لا غرابة أن تقوم هذه القوى بشن حملة ضدنا وتستخدم القنوات الرسمية التابعة للدولة، كون القنوات الحكومية هي في الأساس محتكرة من طرف سياسي”.
وما يتعلق بالإرهاب قال: “إن ذلك شيء لا يستحق الرد، ومع ذلك سأرد”، وأكد على أن اتهام حزبه بهذه التهم هو تحريض على القتل، ووجه رسائل مبطنة، حين قال: أعتقد أن الشعب اليمني يتذكر من الذي حشد إلى أفغانستان، وجمع التبرعات لدعم القتال هناك، وأيضا الجميع يتذكر من كان المرشد الأعلى لجيش عدن أبين الإسلامي، الذي تأسس في جنوب اليمن، وارتبط بالفريق علي محسن الأحمر، كما ورد باعترافات قائده، وأضاف: والجميع يعرف من الذي استقبل الكثير من جماعات القاعدة عندما انفجرت الحرب في تعز”.
واعتبر نعمان أن اتهام الناصري بالعمالة مع دولة الإمارات، يعد أمرا مضحك، وردد نعمان مرارا وتكرار: “نحن تنظيم مدني يعمل وفق قانون الأحزاب، لا نبني علاقات مع أي دولة على الإطلاق، وعلاقتنا مع أي دولة من دول التحالف هي علاقة في إطار منظومة الشرعية مع هذه الدول”. وقال: نحن أول من طالب بعلاقة ندية مع التحالف، ونحن أول من طالب بتصويب العلاقة مع التحالف، ونحن أول من انتقد أخطاء وخطايا التحالف، والحقيقة أن الجماعة التي سربت كذبة وجود علاقة بين الناصري والإمارات، هي التي ترتبط بعلاقات خارجية مع دول معروفة، ويرتمي جزءاً منها في أحضان السعودية، وجزءاً آخر في أحضان قطر.
وأشار إلى أن قيادي مرموق في حزب ينتمي لجماعة لها ارتباطات دولية مع دول وأجهزة في الخارج، هو من يقف خلف هذه التسريبات.