الإصلاح: العدالة الانتقالية في اليمن ضرورة وطنية لإزالة آثار الصراعات وضمان عدم تكرار الانتهاكات

سياق التقرير

عدن – الإعلام الحر

يرى حزب التجمع اليمني للإصلاح أن العدالة الانتقالية ليست خيارًا سياسيًا بل استحقاق وطني لحماية كرامة الإنسان، وتصفية آثار الحروب المتعاقبة، والانتقال نحو دولة مؤسسية موحّدة. وقال في جلسة نقاش مغلقة نفذها مركز الإعلام الحر للصحافة الاستقصائية مع رئيس الدائرة القانونية في حزب التجمع اليمني للإصلاح المحامي محمد ناجي علاو، إن العدالة الانتقالية يجب أن تُترجم إلى إصلاح مؤسسي وضمانات حقيقية لعدم تكرار الانتهاكات.

ويستند الإصلاح في رؤيته إلى التجربة الإنسانية الحديثة في العدالة الانتقالية، التي تحوّلت إلى مبادئ دولية نصّت عليها اتفاقيات ومعاهدات مثل اتفاقيات جنيف والعهدين الدوليين للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فضلًا عن مواثيق حقوق الطفل والمرأة. ويشير إلى نماذج دولية بارزة مثل جنوب أفريقيا ورواندا وتشيلي والمغرب، حيث ارتبطت العدالة الانتقالية بإصلاحات مؤسسية، وإطلاق سراح المعتقلين، وتخليد الذاكرة الوطنية.

خصوصية يمنية معقّدة

يؤكد حزب الإصلاح أن خصوصية اليمن، بتاريخه الطويل من الصراعات منذ ثورات 1948 و1962، والحروب الداخلية، وصولًا إلى حرب 1994 وثورة 2011، وحرب الحوثيين في ٢٠١٤، تجعل من عملية العدالة الانتقالية أكثر تعقيدًا. ويرى الإصلاح أن تحديد نقطة البداية هو التحدي الأكبر، في ظل تباين الرؤى بين القوى السياسية حول المرحلة التي يجب أن تنطلق منها هذه العدالة.

ويقول الإصلاح إنه “لم يتفرد بالحكم ولم يدِر سجونًا أو مارس انتهاكات تعذيب كغيره من القوى التي حكمت اليمن شمالًا وجنوبًا”، لذلك لا يحمل ضغينة بشأن تحديد نقطة البداية، لكنه يرى أن الانطلاق من حرب 1994 هو الخيار الأنسب، لكونها أقرب عهدًا وأكثر قابلية للتوثيق والمعالجة، وتجنب تحميل الأجيال الحالية أعباء صراعات قديمة يصعب إثباتها أو تعويض ضحاياها.

إصلاح مؤسسي وتخليد الذاكرة

يشدد الإصلاح على أن جوهر العدالة الانتقالية ليس التعويضات المادية فحسب، بل بناء مؤسسات دولة تضمن الحقوق والحريات في جميع المجالات. ويرى أن الإصلاح المؤسسي يجب أن يبدأ من رأس الدولة ثم يشمل القضاء والأمن، بما يكفل عدم تكرار الانتهاكات السابقة. ويؤكد الإصلاح على أهمية حصر الضحايا والانتهاكات، وتوثيق أنماط السلوك المؤدي إليها، وتخليد الذاكرة الوطنية، باعتبارها خطوات إنصاف غير مادي لا تقل أهمية عن المحاكمات.

تحديات التنفيذ في ظل الحرب

ويقر الإصلاح بأن تنفيذ عدالة انتقالية شاملة على المستوى الوطني “مستحيل في هذه المرحلة” مع استمرار الحرب الأهلية، وتعدد الفصائل المسلحة الخارجة عن إطار الدولة. ويطرح الإصلاح تساؤلات حول استعداد الأطراف المتورطة في النزاع – بمن فيهم الحوثيون والمجلس الانتقالي وقوات أخرى – لقبول المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، مشددًا على أن الإصلاح “ليس لديه مشكلة” في ذلك إذا توفرت ضمانات حقيقية.

كحل مرحلي، يقترح الإصلاح تطبيق نموذج مصغّر للعدالة الانتقالية في مناطق محددة مثل أجزاء من تعز أو مديريات في مأرب، للتحقيق في الانتهاكات وتدريب المجتمع على مبادئ العدالة الانتقالية وترسيخ احترام القانون وكرامة الإنسان. ويرى أن هذه المبادرات يمكن أن تنفّذ بالتعاون مع المجتمع المدني والقوى السياسية المحلية، في انتظار توفر شروط الدولة الوطنية الموحدة.

غياب ثقافة العدالة الانتقالية

ينتقد الإصلاح ضعف ثقافة العدالة الانتقالية لدى معظم القوى السياسية اليمنية معتبرًا أنها “آخر ما تفكر به الأحزاب” في ظل انشغالها بالملفات العسكرية والاقتصادية. ويؤكد أن الحزب قدّم “النصيب الأكبر من التضحيات” دفاعًا عن الشرعية والدولة، دون رغبة في الانتقام أو مكاسب، بل من أجل بناء مستقبل يصان فيه حق الإنسان وتُرسّخ فيه الحريات ضمن نصوص دستورية وقوانين ضامنة.

ويختتم الحزب رؤيته حول العدالة الانتقالية بالتأكيد على أن حقوق الضحايا “لن تُفرَّط” سواء بإرادة الإصلاح أو بغيرها، وأن الوصول إلى “السقف الأعلى” من العدالة الانتقالية قد لا يكون ممكنًا في الظروف الراهنة، لكنه يبقى هدفًا يسعى إليه الحزب لتخليد ذاكرة الضحايا، وجبر الضرر، وضمان عدم تكرار الانتهاكات.

هذه المادة تم تحريرها ضمن مشروع العدالة الانتقالية من وجهة نظر الأحزاب السياسية” الذي ينفذه مركز الإعلام الحر للصحافة الاستقصائية بدعم من معهد DT

شارك