في اليمن، يعد نقص الوصول إلى المياه والصرف الصحي مساهماً رئيسياً في العنف القائم على النوع الاجتماعي فضلاً عن كونه ناقل للعديد من الأمراض الأخرى.
في ظل جائحة كورونا COVID-19 بالنسبة للعديد من النساء اليمنيات اللائي يعشن في فقر، فإن عدم الحصول على المياه والصرف الصحي يعرضهن لمخاطر العنف القائم على النوع الاجتماعي ويعرض صحتهن الجنسية والإنجابية للخطر.
لا يبرز انتشار كورونا COVID-19 في جميع أنحاء البلاد أهمية المياه فحسب، بل يبرز أيضًا التأثير غير المتناسب لندرة المياه على النساء.
في يونيو/خزيران 2020، نشرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) تقريراً يكشف خطورة عدم الحصول على مساعدات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في اليمن، مشيرة إلى أن 11.2 مليون يمني من أصل 20.4 مليون يمني بحاجة ماسة إلى المياه.
ينبع هذا النقص في التمويل والوصول إلى المياه والصابون، وهما عنصران أساسيان للوقاية من كورونا COVID-19، من عدة عوامل: أزمة المناخ، وسوء إدارة المياه، والنزوح، والهجمات على أنظمة المياه منذ بداية الحرب الأهلية في اليمن منذ 2015، معهد المحيط الهادئ سجل 128 هجوما على شبكات المياه في اليمن.
مع انتشار جائحة COVID-19 في جميع أنحاء البلاد، فإن الوصول إلى المياه النظيفة لا يقل أهمية عن أي وقت مضى لضمان قدرة العائلات على حماية صحتهم.
وفي أجزاء كثيرة من اليمن، تقضي النساء والفتيات ساعات كل يوم في جلب المياه أو الانتظار في طوابير مزدحمة لبائعي المياه، أو أمام صهاريج توزيع المياه المجانية المدعومة من المنظمات الدولية والمحلية، للحصول على 20 لتراً من المياه النظيفة لكل أسرة بغض النظر عن عدد أفراد الأسرة، مما قد يزيد من خطر تعرضهم للفيروس، أو للعنف القائم على النوع الاجتماعي، ومما يزيد المشكلة تعقيدًا أن القيود المفروضة على الحركة قد تقلل من القدرة على الوصول إلى المياه على الإطلاق.
ومن بينهم جميلة علي حسن، 45 عامًا، تقف في طابور طويل كل صباح في حي وادي الدحي غربي مدينة تعز، للحصول على نصيبها من المياه المجاني الذي تقدم المنظمات. “نحصل على 20 لترًا من المياه بعد الانتظار لمدة أربع ساعات في طابور طويل ينتهي عند الظهيرة.” تقول جميلة وتضيف: “ليس لدينا أي مصدر آخر للمياه، ونحن نتبادل الأدوار في المنزل في جلب المياه أنا وابنتي، ونتعرض لمحاولات عديدة للمضايقات”.
في الريف، ذكر تقرير نشرته اليونيسف في أغسطس / آب 2017 أن حوالي مليون من سكان الريف في اليمن، معظمهم من النساء والفتيات، يضطرون إلى السير لمسافة 500 إلى 1000 متراً من منازلهم لجلب المياه، وبسبب كورونا Covid-19 تفاقم هذا الوضع.
ومع استمر إجمالي موارد المياه المتجددة للفرد سنويًا في الانكماش، حيث انخفض إلى 74.3 مترًا مكعبًا في عام 2020، يقضي الأفراد، ومعظمهم من النساء، وقتًا أطول ويبذلون الجهد في الحصول على المياه لعائلاتهم، وتعريضهم لمناطق غير آمنة، ومياه غير صحية، وجعلهم أكثر عرضة للعنف القائم على النوع الاجتماعي.
يقول ذي يزن السوائي وهو محام من تعز ومهتم بالدفاع عن حقوق الإنسان، في ظل انتشار كورونا COVID-19نتذكر أن إحدى طرق منع انتشار الفيروس هي ممارسة النظافة الشخصية المناسبة عن طريق غسل أيدينا باستخدام الماء والصابون. “غسل اليدين بشكل متكرر” هو روتين يومي بسيط للكثيرين ولكنه امتياز ورفاهية لأولئك الذين ليس لديهم خدمات المياه والصرف الصحي الكافية وأولئك الذين يواجهون قرار شرب الماء أو استخدام الماء لغسل أيديهم.
وذكر السوائي أن كورونا COVID-19 زاد من الحاجة إلى الحصول على المياه الصالحة للشرب حتى تتمكن العائلات من غسل أيديهم بشكل متكرر كما تسبب الوباء في زيادة في أسعار المياه والغذاء كما أن الزيادة في أسعار المياه تجبر النساء والأطفال على السفر مسافات أطول للحصول على المياه من نقاط التجميع بدلاً من ذلك، مما يزيد من ضعفهم، وتعرض النساء لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي لفترات أطول.
وذكر تقرير مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية لعام 2019 أن “حدوث أشكال متعددة من العنف الجسدي والجنسي قد زاد أثناء النزاع في المنزل والأماكن العامة” وعزا التقرير هذه الزيادة جزئياً إلى انخفاض قدرة الدولة على معاقبة الجناة، وكذلك إلى عدم تدخل المارة خوفاً من حمل الأفراد للسلاح.
وقد ترك هذا الأمر النساء خائفات من السفر بمفردهن لجلب المياه، مما أثر بشكل كبير على الأفراد في المناطق الريفية حيث تقضي النساء ساعتين إلى أربع ساعات في اليوم في جلب المياه.
فيما الحصول على المياه من الصنابير العامة لا يمثل فقط خطر التحرش الجنسي، ولكن عدم وجود مناطق خاصة للنساء في أماكن تجميع المياه يشجع على ممارسات غير صحية محفوفة بالمخاطر.
وتمثل مخيمات النازحين داخليًا في اليمن خطرًا كبيرًا لانتشار كورونا COVID-19 والعنف القائم على النوع الاجتماعي وتفيد التقارير أن المشردات معرضة بصفة خاصة في المخيمات بسبب عدم توفر حمامات للجنسين بالإضافة إلى ذلك سيؤدي تلوث المياه من الفيضانات إلى تفاقم انتشار الكوليرا، التي أثرت بالفعل بشكل غير متناسب على النساء بسبب دورهن في تقديم الرعاية وتنظيف الحمامات وجمع المياه غير النظيفة.
ولا تؤدي أزمة المياه إلى زيادة الضغط الوحيد على النساء والأطفال للحصول على كميات كافية من المياه من نقاط تجميعها البعيدة فحسب، بل إنها تؤذي النساء أيضًا لأنهن غالبًا ما يكونن آخر من يحصل على الغذاء في أوقات النقص.
ووجد مسح المجلس النرويجي للاجئين للأسر في اليمن أنه منذ أبريل / نيسان،2020 أن نصف المستطلعين فقدوا دخلهم على الأقل، بينما أفاد 25 بالمائة من الأسر المستضعفة أنهم فقدوا دخلهم بأكمله وذكرت هذه العائلات أن الحصول على كميات كافية من الطعام والمياه كان على رأس أولوياتها.
وبحسب لجنة الإنقاذ الدولية في تقرير نشر في مايو/أيار 2020 أن مشكلة نقص المياه “تتفاقم بسبب حقيقة أن الرجال، المسؤولين عن اتخاذ القرارات المالية، لا يعطون الأولوية لشراء المياه، حتى عندما يكون ذلك ممكنا”. ويشير التقرير إلى أن السبب، وفقًا لنساء تمت مقابلتهن، “هو أن الرجال أقل وعيًا باحتياجات الأسر الاستهلاكية وأقل تأثراً بنقص المياه.”.
دعم | تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH (صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا)