تداعيات الحرب في اليمن : آلاف الأسر في العراء وموظفون في السجون عجزوا عن دفع الايجارات
سياق التقرير ديسمبر 21, 2019
صنعاء(IMF)
مليون وأربعمائة وستين ألف ريال يمني، (ما يعادل 2450 دولار أمريكي)، هو المبلغ الذي حكم به قاضي محكمة شمال الأمانة في صنعاء شمالي اليمن، يوم الأحد 22ديسمبر/كانون الأول 2019، على نائب اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في صنعاء الشاعر اليمني جميل مفرح، تسليمه لمالك المنزل، الذي يسكنه مفرح وأسرته، مقابل متأخرات ايجار، وتكاليف ترميمات، كما حكم القاضي على مفرح باخلاء المنزل.
مأساة الشاعر مفرح، هي مأساة الآلاف من اليمنيين، ولأنه الشاعر المعروف فقد تداول عدد من المثقفين والنشطاء اليمنيين، على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بيان تضمني معه، مطالبين من الحكومة اليمنية في عدن، وجماعة أنصار الله (الحوثيون) في صنعاء، إطلاق مرتبات الشاعر لفترة خمس سنوات كي يتمكن من تنفيذ الحكم الصادر ضده.
أسرة محمد مقبل (40عاماً) تعرضت للطرد، بقسوة من قبل مالك المنزل الذي تستأجره الأسرة منذ عشر سنوات، في حي مذبح غربي مدينة صنعاء شمالي اليمن.
لم يكن بحسبان محمد الذي يعيل 6 أطفال، آخرهم، عبدالرحمن حديث الولادة؛ أن يصل إلى ذلك الحال بعد أن فقد راتبه الأساسي منذ أكثر من ثلاث سنوات، كغيره من موظفي الدولة؛ ما تسبب في عجزه عن سداد ما عليه من إيجارات.
مالك العقار، طالَب (محمد) بسداد جميع الإيجارات المتأخرة، مع زيادة بنسبة 70 في المئة، أو إخلاء المنزل، خلال فترة قصيره منحها له، وبعد انتهاء المهلة طلب مالك المنزل من محمد المغادرة دون أي نقاش، رافضاً اعطاءه فرصة إضافية لتدبير سكن بديل.
لم يكتفِ بذلك بل طلب منه المغادرة طوعاً خلال 24 ساعة، مهددا باستخدام القوة في حال رفضه.
في اليوم التالي استقدم مالك العقار، عدداً من النساء ونفذ تهديده واقتحم المنزل بالقوة.. النساء مارسن التهديد والترهيب وقمن بطرد الأسرة إلى العراء بصورة قسرية دون أية اعتبارات إنسانية.
لجأ محمد إلى الشرطة التي أرسلت عدداً من افراداها لنجدة الأسرة؛ اكتفى أفراد الشرطة بمشاهدة واقعة الاقتحام، وطرْد الأسرة بكاملها، وحجْز كافة محتويات المنزل بما في ذلك الملابس.. الجهات الأمنية في منطقة مذبح لم تفعل شيئاً سوى رفع تقرير عن الواقعة إلى الجهات القضائية للنظر فيها.
في حين هناك العدد من القصص المماثلة لا تجد طريقها إلى صفحات التواصل الاجتماعي.
تخلُّف الحكومة عن تسليم رواتب الموظفين؛ عرَّضت أسرة محمد مقبل للطرد من قبل المؤجر.
استقدم مالك العقار عدداً من النساء واقتحم منزل محمد، وطرد أسرته بالقوة.
أسر كثيرة واجهت نفس مصير أسرة محمد في مدينه صنعاء؛ خلال العامين الماضيين وآل مصير البعض منها إلى العراء بسبب عجزها عن سداد ايجار المنزل، أزمة السكن تصاعدت وطلبات ملاّك العقارات في الإخلاء في صنعاء؛ تزايدت وأصبحت واحدة من أبرز القضايا الخلافية، التي تزدحم بها أقسام الشرطة، وتتراكم ملفاتها أمام النيابات والمحاكم في مختلف ارجاء صنعاء، في ظل غياب قانون محلي ينظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر في حالة الحرب، التي تشهدها البلاد؛ ما ضاعف معاناة المستأجرين وحوَّلهم إلى ضحايا تعسف ملاّك العقارات.
وفي ظل الفراغ القانوني، يرفع ملاّك العقارات قضايا ضد المستأجرين بسبب عجزهم عن سداد الايجارات؛ أمام المحاكم التي غالباً ما تبت بوضع المستأجرين في السجون حتى سداد ما عليهم من ايجارات؛ رغم إدراك القضاء؛ أن العجز عن السداد سببه انقطاع المرتبات وتضاؤل فرص العمل في القطاعين العام والخاص؛ بسبب الحرب التي تدخل عامها السادس.
سجن محكمة غرب الأمانة في صنعاء، الذي يتسع لـ 30 سجيناً ويصل متوسط عدد نزلائه ما بين الـ 50 إلى 70 سجيناً؛ يقبع فيه الكثير من ضحايا أزمة السكن؛ أسابيع وأشهر على ذمة قضايا رفعها ملاّك عقارات؛ يطالبون بسداد الإيجارات المتراكمة.
وتعج عدد من السجون في صنعاء بمستأجرين وضعتهم المحاكم في الحجز واشترطت لاطلاقهم؛ تقديم ضمانات تجارية لتنفيذ توجيهاتها باخلاء العقار المستأجَر، تنفيذاً لطلب الملاّك، هؤلاء فضلوا البقاء في السجن خشية أن تتشرد أسرهم وتصبح في العراء.
يقول المحامي سلطان القفلة: إن آلاف الأسر تعرضت إلى الطرد من منازلها المستأجَرة في مدينه صنعاء؛ بسبب عجزها عن سداد الإيجارات المتأخرة لمالكي العقارات.
أزمة السكن تفاقمت مع تراجع مستويات الدخل وانعدامها إضافة إلى منع نافذين من جماعة أنصارالله (الحوثيون) في صنعاء؛ اعضاء الجمعيات السكنية من البناء بقوة السلاح بحجج متعددة.
ويعتبر مسؤول في الهيئة الإدارية لجمعية الأطباء السكنية، أن منع البناء في أراضي الجمعيات السكنية الخاصة بالموظفين؛ تصرفاً خاطئاً وكارثياً يفاقم ازمة السكن في صنعاء ويحرم الآلاف من اليمنيين؛ فرص عمل مؤقته في مجال الإنشاءات.
فضٌّل المستأجرون البقاء في السجون؛ خشية أن تصبح أسرهم في العراء، بسبب طلب المحاكم منهم؛ ضمانات تجارية للسداد
تفاقمت أزمة السكن في صنعاء مع تراجع مستويات الدخل وانعدامها، ومنع نافذون؛ اعضاء الجمعيات .السكنية من البناء