اغتيال نبيل القعيطي: العدسة التي أرادوا إخمادها

سياق التقرير

خاص | مركز الإعلام الحر

في صباح حزين بمنطقة دار سعد شمال عدن، دوّى صوت الرصاص معلناً نهاية حياة مصور شجاع، لطالما جاب ساحات المعارك بعدسته، موثقاً الأحداث بكاميرته، ليسكت صوت الحقيقة باغتياله. كان ذلك في الثاني من يونيو عام 2020، عندما ترجل مسلحون مجهولون من سيارتهم وأطلقوا النار على نبيل حسن عمر صالح القعيطي، قبل أن يلوذوا بالفرار، تاركين خلفهم جثة صحفي لم يُعرف الخوف طريقًا إلى قلبه.

المصور الذي تحدى الرصاص

لم يكن نبيل القعيطي مجرد مصور صحفي؛ بل كان عينًا شاهدة على تاريخ اليمن المعاصر. بدأ رحلته مع التصوير خلال أحداث الحراك الجنوبي في عام 2007، حيث وثق احتجاجات الشارع بعدسته، دون أن ينتمي لمؤسسة إعلامية أو يحمل شهادة جامعية. كانت موهبته وإصراره كافيين ليفرض اسمه كمصور حر، يروي ما يحدث بلا تحيز.

في عام 2015، وبينما كانت عدن تحت وطأة الاجتياح الحوثي، حمل نبيل كاميرته، لا سلاحًا، ووثق معارك تحرير عدن لصالح قناتي “سكاي نيوز” و”الحدث”. كانت لقطاته تجسد ملامح الحرب بحياد الصحفي وشجاعة المحارب. وفي عام 2016، كرّم بجائزة روري بيك الدولية، كأفضل مصور صحفي عالمي، لتكون شاهدة على موهبته التي سطعت من قلب المعاناة.

عائلته وثمن الشجاعة

لم يكن نبيل مجرد مصور؛ بل كان أبًا لأربعة أطفال، لم ترَ إحداهن وجهه قط، إذ ولدت بعد اغتياله بأيام. كان العائل الوحيد لأسرته بعد وفاة والده، وكان يتحمل مسؤولية والدته وإخوته الأربعة. عاش حياته معطاءً، فإلى جانب عمله الصحفي، كان ناشطًا إنسانيًا يساعد المحتاجين ويؤسس مشاريع تنموية تخفف من معاناة مجتمعه.

الحقيقة الغائبة والعدالة المؤجلة

بعد اغتياله، أعلنت السلطات الأمنية في عدن القبض على عدد من المشتبه بهم. لكن، بعد مرور ثلاث سنوات على الحادثة، لا تزال أسرته تنتظر تحقيق العدالة. ففي بيانٍ لها بمناسبة الذكرى الثالثة لاغتياله في 2 يونيو 2023، أكدت الأسرة أنه لم يُقدَّم أي متهم إلى المحاكمة، رغم الوعود المتكررة بمحاسبة الجناة. وجاء في البيان: “يحز في نفوسنا أن جميع القيادات بمختلف أشكالها تجاهلت القضية.

صمت السلطات… وصدى العدسة

لم تُطفأ عدسة نبيل رغم الرصاص. بقيت صوره شاهدة على حقبة مضطربة من تاريخ اليمن، وعلى شجاعة رجل واجه الموت بكاميرته. قُتل نبيل القعيطي، لكن صوره حية، تروي قصته وقصة وطنه للعالم.

حتى اليوم، لا يزال القتلة مجهولين، ولا تزال العدالة غائبة. لكن ذكرى نبيل ستبقى خالدة، ليس فقط في قلوب محبيه، بل في ذاكرة كل من شاهَدَ العالم بعدسته الشجاعة.

تفاصيل لم تنشر من قبل حول عملية اغتيال المصور الصحفي نبيل القعيطي، في هذا التقرير:

(نرفق التقرير: نرفق هنا تقرير عدن تحت عنوان: “لا أحد يتحرك

ملاحظة

| هذا التقرير ضمن سلسلة تقرير مشروع “من أجل الحقيقة” الذي ينفذه مركز الإعلام الحر للصحافة الاستقصائية بالشراكة مع معهد DT