16-12-2023
وفق منهجية الصحافة المتأنية التي تعتمدها مؤسسة فري ميديا للصحافة الاستقصائية، نتناول في سياق هذا التقرير، تفاصيل القضية التي عادت مجدداً إلى واجهة مواقع التواصل الاجتماعي، وهي قضية الصراع التي تدور في مجموعة شركات الحاج أحمد عبدالله الشيباني المعروفة باسم شركة التكامل الدولية، وهي إحدى كبريات المجموعات التجارية في اليمن والتي يعمل فيها مئات وربما آلاف اليمنيين.
الخلافات التي أفضت إلى تدخلات من خارج عائلة الشيباني، أدت إلى تراجع نسبة مبيعات المجموعة التجارية إلى 50%، وباتت مصانع الشركة على عتبة الإفلاس ما يهدد نحو 2000 موظف على الأقل من المتوقع أن يفقدوا وظائفهم في حال عدم الوصول إلى وفاق وتمكين الإدارة من ممارسة مهمتها في إدارة الشركة واستعادة زمام العمل فيها بصورة كاملة ودون تدخلات.
في هذا التقرير، أجرينا مقابلات مع مصادر لها علاقة بالقضية، إذ التقينا برئيس نقابة العمال غازي الأكحلي، والتقينا أيضاً بمدير الموارد البشرية في الشركة، وعدد من الموظفين، وعبر تطبيق المراسلات واتساب قابلنا وجدي الشيباني عضو مجلس الإدارة في شركة التكامل الدولية.
ومن خلال المقابلات والوثائق التي قمنا بتحليلها، تكشفت لنا المخاطر التي تهدد نحو 2000 عاملاً بفقدان مصدر رزقهم في ظل قسوة الوضع الاقتصادي الذي تشهده البلاد منذ تسع سنوات تعيش فيها اليمن مأساة إنسانية نتيجة الحرب الدائرة.
واتضح لفريق التقرير بأن الصراع الذي تشهده الشركة هو صراع إداري، وليس صراع على الملكية، وأن النظام الأساسي للشركة قد حسم هذه الصراع.
رسالة إلى المحافظ
رئيس نقابة العمال في شركة التكامل الدولية، الذي قاد يوم الاثنين 11 سبتمبر/ كانون الأول 2023، الوقفة الاحتجاجية التي نظمتها نقابة العمال في الشركة، أكد لمركز فري ميديا للصحافة الاستقصائية، أن «الوقفة الاحتجاجية تأتي من أجل إيصال رسالة لمحافظ محافظة تعز نبيل شمسان، لرفع المظاهر المسلحة المتواجدة أمام الشركة التي تم تحويلها بسبب قرارات خاطئة إلى ثكنات عسكرية».
وبحسب إفادة غازي الأكحلي، فقد «حصلت ـ قبل أيام ـ اشتباكات مسلحة، مما أدى إلى إرهاب العاملين والحراسة الأمنية المتواجدة أمام الشركة» ولهذا يقول الأكحلي: «نطالب بتوفير الحماية وإنهاء التحشيد المسلح داخل مرافق الشركة، لأن مظاهر المسلحين تسيء إلى مصانعنا» مطالبًا «بتنفيذ القرارات القضائية، والوزارية والتوجيهات، وإيقاف تدخل نافذين ـ يشغلون مناصب في الدولةـ في الشؤون الداخلية والإدارية للشركة».
وشدد رئيس نقابة العمال في شركة التكامل الدولية في حديثه مع فريق مؤسسة فري ميديا، على أن «مصانع الشيباني من أقدم المصانع في اليمن، وهي حالياً مهددة بالإغلاق، وسيتم تسريح أكثر من 2000 عاملاً من وظائفهم وسوف تحرم محافظة تعز من إيرادات كبيرة جداً إذا لم نحافظ على هذه الشركات» حسب تعبيره.وأوضح الأكحلي أن «الخلاف الحاصل في شركة الشيباني، ليس خلاف ملكية، وإنما خلاف على الإدارة»، وهذا الصرع حد قوله «تم تغذيته من قبل البرلماني عبدالكريم شيبان، ونافذين في الدولة، ضد الإدارة الشرعية التي يقودها رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي للمجموعة، أبو بكر أحمد عبدالله الشيباني، والذي يحظى بثقة العاملين والمجلس الإداري والنظام الأساسي للشركة والقوانين الوطنية».
تراجع المبيعات وتهديد العمال
غازي عبدالوهاب المعمري، أحد الموظفين في إدارة المبيعات في شركة التكامل الدولية، أكد لفريق التقرير: «تراجع مبيعات الشركة إلى نحو 50 في المائة، وذلك خلال الفترة من ديسمبر/كانون الأول2022، حتى نوفمبر/تشرين الثاني2023، وهي الفترة التي حصل خلالها عملية اقتحام للشركة من قبل مجاميع مسلحة تتلقي توجيهاتها من البرلماني عبدالكريم شيبان، وفرض إدارة بقيادة عبدالكريم الشيباني».
وقال المعمري إن «إنقاذ الشركة يستدعي بدون تأخير عودة الإدارة الشرعية ممثلة برئيس مجلس الإدارة أبو بكر الشيباني، الذي يقود المجموعة إلى بر الأمان، والذي أوصل الشركة إلى أعلى المستويات في الصناعة».
من جهته قال أنور الصوفي، أحد العاملين في إدارة الموارد البشرية في شركة التكامل، بأن «عملية اقتحام الشركة من قبل مسلحين استعان بهم البرلماني عبدالكريم شيبان، وفرض عبدالكريم الشيباني للقيام بمهمة إدارة الشركة، تسببت بتدهور مستوى الشركة» وحذر من «أن استمرار الوضع على ما هو عليه، سوف توصل الشركة إلى مرحلة إغلاق أبوابها، وبالتالي سوف يفقد 2000عاملاً لوظائفهم، وستصبح نحو 40 ألف أسرة تعاني الجوع والتشرد».
شرعية الإدارة
وكان فريق فري ميديا قد طرح سؤالًا يستوضح «لماذا أبوبكر الشيباني، دون غيره من إخوانه، هو من يقود شركة التكامل الدولية، حيث تولى رئيس مجلس الإدارة، منذ 30 عاماً؟ وحصلنا على إجابة، في تصريح لوجدي الشيباني عضو مجلس إدارة الشركة، الذي قال: «إن شغل منصب رئيس مجلس إدارة الشركة، يخضع لإجراءات قانونية، ويجب أن يفهم الجميع أن هذه مسألة ينظم اجراءتها النظام الأساسي واللوائح والسياسيات الداخلية للشركة، والتي تنص على أن اختيار رئيس مجلس الإدارة، دائماً يتم من خلال الجمعية العمومية «الشركاء»، ولا يحق عزله، أو تغييره، إلا وفقاً للإجراءات التي تنص على ذلك في مضامين النظام الأساسي واللوائح الداخلية».
وأكد وجدي الشيباني أنه «وفقاً للنظام الأساسي للمجموعة «دستور الشركة»، فإن أبوبكر الشيباني، هو رئيس مجلس الإدارة، وفي ٢٠١٩ تم إعادة اختياره رئيساً لمجلس الإدارة بتصويت جميع أعضاء الجمعية العمومية للشركة المكونة من أبناء الشيباني وشركاء آخرين، وكان من بين المصوتين ١٠ من إخوته».
ويتمسك أبوبكر الذي يقود الشركة منذ 30 عاماً، بالنظام الأساسي والسياسات التي تنظم عمل وإدارة الشركة إلى جانب الحكم القضائي الصادر من محكمة الاستئناف التجارية في تعز لصالحه.
تدخلات شيبان
وكان البرلماني عبدالكريم شيبان قاد مجموعات مسلحة في 5 ديسمبر 2022، وقام باقتحام الشركة وفرض إدارة جديدة، وحرر محضرًا ذكر فيه أن فرض عبدالكريم الشيباني في الإدارة يأتي تنفيذاً للقرارات الصادرة من وزارة التجارة والصناعة الخاضعة لسلطة الانقلابين في صنعاء.
وبحسب حديث وجدي الشيباني، فإنه وبعد عملية الاقتحام بأسبوع صدر أمر على عريضة من المحكمة بتمكين عبدالكريم من إدارة الشركة، لكن رئيس مجلس الإدارة أبو بكر الشيباني، تقدم عبر محامي الشركة بتظلم إلى المحكمة التجارية في محافظة تعز، وصدر حكم ابتدائي لصالح مجلس الإدارة برئاسة أبو بكر الشيباني، يتضمن إلغاء الأمر على العريضة التي كانت تنص على تمكين عبدالكريم، وذهب عبدالكريم شيبان وعبدالكريم الشيباني لاستئناف الحكم، لكن محكمة الاستئناف أصدرت حكم تأييد للحكم الابتدائي لصالح أبو بكر الشيباني رئيس مجلس الإدارة في شركة التكامل الدولية.
مسارات
يقول وجدي الشيباني بأن مجلس الإدارة للشركة، تعامل مع ما يحدث في أروقة الشركة في مسارين للملمة الشركة وإنقاذها من الانهيار، المسار الأول: الإجراءات القضائية، والمسار الثاني: مسار الإجراءات الإدارية، المتمثلة بتوجيهات رئيس الوزراء في الحكومة الشرعية معين عبدالملك، لوزير الصناعة والتجارة في عدن وكذلك توجيهات محافظ محافظة تعز، بتمكن أبوبكر الشيباني، بصفته رئيس مجلس الإدارة، وتشكلت لجنة من المحافظ لعملية الاستلام والتسليم، لكن هذه اللجنة تصدى لها مسلحون يديرهم عبدالكريم شيبان، وتم منع اللجنة من دخول الشركات وإتمام مهمتها، فعملت اللجنة تقريراً بذلك وغادرت دون تنفيذ المهمة.
تصاعد
في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 تقدم رئيس مجلس الإدارة في الشركة لرئيس مجلس الوزراء في الحكومة الشرعية، بطلب سرعة حسم موضوع الصراع الإداري في الشركة، والتوجيه الى وزير الصناعة والتجارة لاستكمال إجراءات تصحيح كافة المخالفات، وقد استجاب رئيس الوزراء للطلب ووجه وزير التجارة والصناعة بتصحيح كافة الإجراءات وإعادة الحال إلى ما كان عليه وانهاء كافة الأثر المترتب عن القرارات الصادرة من سلطات الانقلابين في صنعاء، إثر ذلك بدأت وزارة الصناعة بتصحيح الاجراءات وأصدرت كافة السجلات التجارية للشركة، وكان المسار الإداري والقانوني يسير بشكل صحيح، ويقول وجدي: «كنا قد استلمنا الشركات وبدأنا بترتيب الأوضاع حيث كانت الشركات خلال عام قد تدهورت، ونحو 60 في المائة من الطاقة الانتاجية من المجموعة لا تعمل، وكانت المصانع المتواجدة في مدينة تعز على وشك الإفلاس، والشركات الأجنبية كانت قد أوقفت علينا بعض امتيازات التصنيع».
ولكن
بعد دخول الإدارة الشرعية مقرات الشركات حاول بعض النافذين فرض وصاية على الإدارة بقيادة أبوبكر الشيباني، وقامت شخصيات سياسية نافذة على رئيس الوزراء بطلب بإيقاف الإجراءات. وفجأة يوجه محافظ تعز قيادة الأمن الخاص لاستلام حراسة الشركة دون طلب من مجلس الإدارة، واستلمت قوات الأمن الخاص الحراسة، واليوم الثاني، جاء جميل عقلان الذي يشغل منصب قائد الأمن الخاص، وانتشرت قواته في مباني الشركة، وهناك فيديو متداول لما قام به. كما أصدر رئيس الوزراء بعد ضغوط مذكرة بإيقاف كافة الإجراءات إلى حين صدور قرارات من القضاء.
ما الجديد في القضية؟
أساس المشكلة بدأت من مخالفة وزارة الصناعة والتجارة في الحكومة الشرعية في عدن، تمثلت بتحرير مذكرة بتاريخ 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 لتوقيف أبو بكر الشيباني، وهو رئيس مجلس الإدارة الشرعي، ويتولى هذا المنصب وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في النظام والقانون ونصوص النظام الأساسي للشركة.
بعد ذلك تقدم مجلس الإدارة، بمستندات لوزارة التجارة والصناعة في محافظة عدن، وعلى ضوء ذلك حررت الوزارة مذكرة في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، لإلغاء المذكرة السابقة، التي تضمنت إيقاف أبو بكر الشيباني، وقامت الوزارة بتصحيح الخطأ، لكن وبعد ذلك بيومين في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، حررت الوزارة مذكرة جديدة، واستندت فيها للقرارات الوزارية رقم (٣١، ٣٢، ٣٣، ٣٤)، وهذه القرارات التي استند لها وزارة التجارة والصناعة في الحكومة الشرعية في عدن، هي قرارات صادرة أصلاً من وزارة التجارة والصناعة الواقعة تحت سلطات الانقلابين في صنعاء. وتكون الوزارة في عدن قد اعتمدت على قرارات وزارية غير صادرة منها.
مفارقات غريبة
المثير للغرابة، هو أن مكتب مجلس القيادة الرئاسي أصدر توجيهات إلى رئيس الوزراء في الحكومة الشرعية، بإلغاء التوجيهات التي كانت قد تضمنت إلغاء ما ترتب عن القرارات الصادرة من وزارة التجارة التابعة لسلطات الانقلابين في صنعاء. وليس من المفهوم كيف صدرت تلك التوجيهات التي لا يمكن تفسيرها بغير أنها تضغط للتعامل مع قرارات سلطات الانقلابين.
وبحسب وجدي الشيباني «فعندما اقتحم البرلماني عبدالكريم شيبان الشركات دون مسوغ قانوني، لم تتحرك الجهات الأمنية لتصدي لهذه الممارسات، وإخراج المسلحين المحتلين للشركات وتمكين الإدارة الشرعية من العمل وفقا للقرارات والمخرجات القانونية والاحكام القضائية، رغم الشكوى التي تقدمت بها إدارة الشركة، فضلا عن تنفيذ الأحكام الابتدائية والاستئنافية التي صدرت لصالح أبوبكر الشيباني، وليس هناك تفسير لما حصل للتصدي لنا ونحن المخولين قانونا في إدارة الشركة».