دعا المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن غريفيث السبت 7 مارس/آذار2020، إلى وضع حد فوري للعمل العسكري الذي تقوم به الأطراف المتحاربة في اليمن حيث أن تجدد العنف بين المتمردين الحوثيين وقوات الحكومة اليمنية والتحالف الذي تقوده السعودية يهدد جهود السلام.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر يوم السبت، إن القتال في الجوف في شمال شرق اليمن أدى إلى نزوح حوالي 70،000 شخص أو 10000 عائلة إلى محافظة مأرب المجاورة.
واستؤنفت المعارك العنيفة في محافظة الجوف، وبلغت ذروتها مع سيطرة الحوثيين في الثاني من آذار/مارس، على عاصمة محافظة الجوف بعد تصعيد عسكري دام خمسة وأربعين يوماً على جبهات متعددة أبرزها مناطق فرضة نهم 40كيلومترا شرقي صنعاء.
وتُظهِر الهجمات المتصاعدة الناجمة عن التحولات التي طرأت على التوازن العسكري الهش في خارطة السيطرة الميدانية، أن المتمردين الحوثيين يصعدون وفق خطة إستراتيجية تهدف إلى تحقيق مكاسب في المسارين العسكري والسياسي، مقابل تراجع في صفوف قوات الحكومة اليمنية نتيجة اختلالات كبيرة في بنية القوات الحكومية وغياب الرؤية الاستراتيجية بشقيها السياسي والعسكري، وعدم إعطاء الاهتمام اللازم لبناء وتأهيل الجيش الحكومي وتجهيزه بالأسلحة والعتاد والآليات التي تمكنه من إنجاز مهمة استعادة المناطق الواقعة تحت سيطرة المتمردين الحوثيين.
ولم تقم القيادات العسكرية العليا بأي مجهود لإصلاح الاختلالات في صفوف قوات الشرعية ومعالجة الأخطاء وبذل الجهد اللازم لبناء جيش احترافي على أسس مهنية، ولكنها اكتفت بإدارة العمليات العسكرية بعقلية المقاولة، الأمر الذي أتاح للبعض التربح من الحرب، وهؤلاء لا مصلحة لهم في حسم المعركة، وفقا لمراقبين.
ومثل سقوط مدينة الحزم عاصمة محافظة الجوف خسارة كبيرة للحكومة اليمنية.
وقال ضباط في الجيش اليمني شهدوا تفاصيل أحداث الجوف، إن قوات تابعة للتحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية انسحبت إلى مناطق اليتمة المحادة للسعودية قبل ثلاث أيام من دخول الحوثيين مدينة الحزم.
استغل الحوثيون حالة الصراعات الداخلية في مؤسسة الجيش والأمن في الحكومة اليمنية، واختراق صفوف القيادات العسكرية، وتفكيك الأمن الداخلي لتسهيل دخول عناصرهم إلى مناطق سيطرة الحكومة اليمنية واسقاطها من الداخل، تماما كما حدث في مدينة الحزم التي سقطت بعد تفكيك القوات الخاصة التي كانت متماسكة وأحبطت مخطط الحوثيين في السيطرة على المدينة خلال العام 2018
وفقا لرواية ثلاثة من ضباط الأمن في محافظة الجوف، لـ”IMF”، اشترطوا عدم نشر هويتهم، أن سقوط مدينة الحزم عاصمة المحافظة بيد المتمردين الحوثيين، لم يكن وليد اللحظة، إذ يحاول الحوثيون منذ العام 2018، السيطرة عليها، لكنهم فشلوا بسبب وجود قيادات عسكرية مهنية للقوات الخاصة، إذ نجحت هذه القوات في حلول العام 2018، بقيادة العميد ركن نجيب الناصر، في تنفيذ خطة أمنية تمثلت بتقسيم المناطق المحررة ومدنية الحزم إلى مربعات أمنية ينتشر في كل مربع أمني عدد من النقاط الأمنية التابعة للأمن الخاصة، وعناصر الأمن السري الذين يتولون مهمة تعقب عناصر الحوثي المتسللة إلى داخل المناطق المحررة للعمل في بيع القات وفي أنشطة تجارية، وفي باصات نقل الركاب؛ وحققت الخطة خلال النصف الأول من العام 2018، نجاحا كبيرا في القبض على أكثر من 2800 عنصر من الحوثيين قادمين من محافظات صعدة وعمران وذمار، إلى مدينة الحزم، والوصول إلى 120خلية سرية تابعة للحوثيين بينها خلايا من النساء تعمل في تهريب الألغام والعبوات الناسفة من مناطق سيطرة الحوثيين إلى مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، كما تم احباط أكثر من 88 عملية تفجير في أسواق المدينة وفي المنشآت الحكومية.
تماسك الأمن لم يدوم طويلا، في ظل تصاعد الصراعات الداخلية في صفوف القيادات العسكرية والأمنية التابعة للحكومة اليمنية في محافظات الجوف.
وكانت الرواتب والمستحقات المالية المقررة للقوات الخاصة، إضافة إلى توجيهات الإفراج عن قيادات وعناصر من الحوثيين تم اعتقالهم من قبل الأمن السري، أبرز نقاط الخلاف المتصاعد بين قيادة السلطة المحلية ومدير أمن المحافظة العميد سليم السياغي من جهة، وبين قائد القوات الخاصة العميد ركن نجيب الناصر من جهة ثانية، إذ رفض الأخير أي استقطاعات من رواتب ومستحقات قواته؛ كما رفض الإفراج عن أي عنصر من عناصر الحوثيين من الذين تم اعتقاله.
وقالت مصادر مطلعة، لـ”MIF”، إن العكيمي طلب من قائد القوات الخاصة، تسليم حماية المنشآت لقوات تابعة لمدير الآمن، كما وجه بالإفراج على عناصر من الحوثيين بينهم قيادات رفيعة، وأمر بصرف المستحقات المالية المقررة للقوات الخاصة عبر مدير الأمن، فرفض قائد القوات الخاصة ذلك وغادر محافظة الجوف متجها إلى مأرب، فتم الاطاحة به من منصبه، وتعيين العقيد عبدالله البرير بدلا عنه، بعد أشهر من الاطاحة بقائد المنطقة العسكرية السادسة اللواء أمين الوائلي من منصبه، وتعيين اللواء هاشم الأحمر بدلا عنه.
وعملت القيادة الجديدة على استقطاع رواتب ومستحقات القوات الخاصة، فخلت النقاط الأمنية من الأفراد، وغادر الأمن السري المربعات الـأمنية، وألتحق معظم أفراد القوات الخاصة بوحدات الجيش ومنهم من ألتحق في جبهات الحدود السعودية اليمنية، وبدأ الوضع الأمني في مدينة الجوف خلال الربع الأخير من العام 2018 في التدهور.
7 أفراد من الأمن غادروا محافظة الجوف، جميعهم تحدثوا، عن أن القائد الجديد للقوات الخاصة بالتنسيق مع محافظ المحافظة ومدير أمن المحافظة سليم السياغي ومن بعده العميد مراد أبو حاتم، أطلقوا معظم سراح الحوثيين المحتجزين في سجون القوات الخاصة، ودخلت عناصر جديدة من الحوثيين مدينة الحزم وعملت بصمت في بيع القات مقابل الذخيرة، وتشكلت خلايا تمكنت من التسلح من أسواق السلاح المتعددة في محافظة الجوف، وحققت اخترق لبعض الوحدات العسكرية في صفوف قوات الحكومة اليمنية، ورصد تحركاتها ومخازن السلاح التابعة للجيش ليتم الاستيلاء على تلك المخازن من قبل الحوثيين