وثائق | الأجهزة الأمنية في تعز تعجز عن تنفيذ أوامر قضائية وحماية أرضية عجوز طاعنة في السن
وسائط متعددة يناير 6, 2021
عندما كان المحافظ نبيل شمسان يلقي كلمة في إجتماع موسع بحضور قيادات عسكرية وأمنية في مدينة تعز غربي اليمن، وطلب منهم دعم تنفيذ التوجيهات والأوامر والأحكام الصادر من السلطة القضائية عملاً بأحكام الدستور والقانون الوطني، كانت حملة أمنية من إدارة شرطة أمن مديرية المظفر قد عادة أدراجها في صبيحة اليوم ذاته (الاثنين 4 يناير/كانون الثاني2021) بعد أن عجزت عن تنفيذ توجيهات قضائية صادرة بتاريخ 3 يناير/كانون الثاني 2021 من محكمة غرب تعز تنص على إيقاف جماعة مسلحة مدججة بمختلف أنواع الأسلحة من العمل والبناء في أراضي مملوكة للمواطنة الطاعنة في السن مريم أحمد حمود المكاوي، (75عاماً) كانت هذه الجماعة المسلحة التي يقودها شخص يدعى أحمد سلطان المقطري ويسانده مسلحون بقيادة شخص يدعى رامي الخليدي قد نهبتها بقوة السلاح وبوثيقة مشكوك بصحتها.
الأهمية: أكثر من 1000 شكوى مقيدة في أقسام الشرطة والنيابات القضائية في المناطق الخاضعة للحكومة اليمنية في تعز، تتعلق بنهب الأراضي والممتلكات الخاصة، ما يؤكد على تنامي ظاهرة نهب الأراضي التي تمارسها عصابات مسلحة تستخدم أطقم تابعة للألوية العسكرية المحسوب على قيادة محور تعز، وترتبط بقيادات نافذة توفر لها الحماية، الأمر الذي جعل العصابات المسلحة تتمتع بنفوذ يتحدى القانون وتوجيهات القضاء، _علاوة على ذلك_ أنها تواجه الأجهزة الأمنية بأسلحة ثقيلة وأطقم عسكرية.
منصة الجمهور: وصل إلى إدارة تحرير موقع المعهد اليمني لحرية الإعلام “IMF” ، عبر نافذة منصة الجمهور عدد من الوثائق الصادرة من الأجهزة الأمنية ونيابة ومحاكم القضاء في تعز، هذه الوثائق تكشف تفاصيل قيام جماعة مسلحة بعملية السطو والنهب بقوة السلاح على أرضية مساحتها أكثر من 61 قصبة (وحدة قياس عرفية تستخدم لتقدير مساحة الأراضي)، تبلغ قيمتها أكثر من 300 مليون ريال وتقع في حارة الدار في منطقة بئرباشا غربي المدينة وهي مملوكة وفقاً للوثائق الصادرة من القضاء للمواطنة مريم المكاوي وأولاد أخيها، لجأت مريم إلى القضاء والأجهزة الأمنية لتمكينها من العمل في أرضيتها، لكن يبدو أن الجماعة المسلحة تتمتع بنفوذ يتحدى الدولة وسيادة القانون.
التفاصيل: نسرد هنا مضمون ما جاء في الوثائق بعد التدقيق والتحقق من صحتها، وبدأت مريم المكاوي قبل ثلاثين عاماً في نزاع مع سلطان أحمد عثمان المقطري حول مساحة أرض واسعة تبلغ مساحتها 400 قصبة، انتهاء النزاع في 2002 بحكم صادر من المحكمة العليا يقضي بملكية المقطري لـ 111 قصبة من مساحة الأرض والبقية هي للمالكين الأصلين للأرض أسرة المكاوي، لكن أولاد المقطري أحمد ومحمد سلطان ومعهما جماعة مسلحة يقودها شخص يدعى رامي الخليدي قاموا بنهب قطعة أرض إضافية تبلغ مساحتها 61 قصبة وهي تحت حيازة أسرة المكاوي، وتمارس الجماعة المسلحة الضغط على مريم بالقبول بالبيع على شخص يدعى عبدالرحمن حسن الحبشي بسعر 2مليون للقصبة، فيما السعر الحقيقي يصل إلى 6مليون ريال يمني للقصبة الواحدة.
أسرة المكاوي تمسكت بسيادة القانون وقرار القضاء بما يزعمه أحمد سلطان المقطري من ملكية والده للأرض بذريعة أن لديه وثيقة تثبت ذلك، لكن الوثيقة التي هي عبارة عن صك شراء تحتوي على إمضاء مريم المكاوي وعليها توقيع شاهدين، وتنظر نيابة الغرب بدعوى مقدمة من المكاوي بأنها مزورة. حيث أن أحد الشهود الموقعين على الوثيقة نفى في محاضر تحقيقات النيابة أن يكون قد علم بذلك، علاوة على ذلك أن المكاوي طلبت بفحص بصماتها الموجودة على الوثيقة من قبل المعمل الجنائي، ما دفع بالمقطري ليقول إن الوثيقة مرهونة عند شخص يدعى الزعيمي تارة..وتارة أن الوثيقة فقدت وأنه يعمل على استخراج وثيقة بدل فاقد من المحكمة، حتى يتخلص من موضوع فحص المعمل الجنائي لبصمات المكاوي، هذه التناقضات ومحاولة الحصول على بدل فاقد أمر يثير الشكوك بصحة الوثيقة.
نيابة غرب تعز: من أجل الوصول إلى نتائج بما يتعلق بصحة الوثيقة وجهت خطاب من وكيل النيابة رئيس محكمة الغرب في 19 نوفمبر/تشرين الثاني2020، وطلب منه بتوجيه قسم التوثيق في المحكمة بإيقاف استخراج وثيقة بدل فاقد حتى استكمال اجراءات تحقيقات النيابة.
وتستمر الجماعة المسلحة التي تمتلك أسلحة ثقيلة وخفيفة وأطقم عسكرية تابعة للجيش الوطني في تعز، بمنع أسرة المكاوي من الانتفاع بأرضيتهم رغم الأوامر القضائية الصادرة من محكمة غرب تعز التي توجه أجهزة الأمن من تمكينها من ذلك، وقام المسلحون بممارسة البناء بقوة السلاح، وتحدي الأوامر القضائي وسلطة القانون.
نعم لكن: حاولت إدارة أمن المظفر القيام بحملة أمنية تنفيذاً لتوجيهات صادرة من القضاء تنص على تمكين المواطنة مريم المكاوي العمل في أرضيتها، لكن الجماعة المسلحة التي تستخدم أطقم تابعة للجيش قامت بالهجوم المسلح وإطلاق النار الكثيف على العمال وعلى أفراد الحملة الأمنية المكلفين بتنفيذ الأوامر القضائية.
وجاء في وثيقة تحت عنوان “محضر إثبات حالة إعتداء وشروع بالقتل”، موقعاً عليه من مساعد الحملة الأمنية الملازم منير المشرعي: ” بناءً على توجيهاتكم (مدير أمن المظفر) بتنفيذ أوامر القضاء وتمكين الحرة مريم المكاوي من العمل، قمنا بالنزول إلى الأرضية وعند قيام الحملة الأمنية بممارسة مهامها، فوجئنا بطقم مسلح على متنه 12 فرداً ولديهم معدلات شيكي و”12/7″ وكان من يقود المسلحين شخص يدعى عاصم الحوباني وسائق الطقم صابر الخليدي ويتبعون لواء العصبة ومعهم شخص يدعى أحمد سلطان المقطري وشقيقه محمد سلطان، قاموا بإطلاق النار علينا وشرعوا بقتلنا نحن أفراد اللجنة الأمنية وكذلك قاموا بإطلاق النار على الشيول وإيقافه عن العمل.”.
نتيجة: يبدو أن الجماعة المسلحة تمتلك من النفوذ والقدرة ما يجعلها تتحدى القضاء والاستمرار بقوة السلاح في نهب الأرض المملوكة للمواطنة مريم، بل أنها استخدمت أطقم عسكرية وأسلحة ثقيلة لمواجهة الحملة الأمنية المكلفة من شرطة أمن المظفر في تنفيذ توجيهات القضاء وحماية أصحاب الحق، وعندما قام مساعد الحملة بإبلاغ عمليات إدارة أمن شرطة تعز طلب منهم مسؤول العمليات بالعودة، “قمنا بالتواصل مع عمليات شرطة تعز، وطلب منا مسؤول العمليات الرائد فؤاد اليوسفي بسرعة العودة إلى مقر الحملة الأمنية”..، يقول محضر إثبات الواقعة.
وتمر جرائم نهب الأراضي في تعز مرور الكرام ما يتسبب بضياع حقوق المواطن الضعيف الذي يتصور أن الدولة هي ملاذه الآمن، وفي الواقع مؤسسات الدولة في تعز أضعف من ضبط العصابات التي هي أقوى من الدول؛ لأنها تتبع قيادات نافذة تحقق ثراء من خلال تقديم الحماية لهذه العصابات، وكانت اللجنة الأمنية في المحافظة قد قالت في اجتماعها قبل الأخير إنها قررت التصدي للعصابات التي تستخدم الأطقم العسكرية في نهب الأراضي، لكن قرارتها كالعادة ذهبت أدراج الرياح.
تعميم: في 8 سبتمبر/أيلول2020 أصدر مدير عام شرطة محافظة تعز تعميماً إلى مدير البحث الجنائي ومدراء شرطة المديريات ومدراء أقسام الشرطة للبحث والتحري عن المتهمين في الاعتداء على الأرضية أحمد سلطان أحمد عثمان المقطري وأخيه محمد، والقبض عليهما تنفيذاً للأوامر القبض القهرية الصادرة من نيابة إستئناف تعز. يذكر أن المذكورين كانا في السجن وخرجا بضمانة تجارية مقدمة من محطة البترول الواقعة في حي القبة وسط المدينة والتي يملكها عبدالرحمن حسن، وهو الشخص الذي يحاول شراء الأرضية ويحاول عبر المسلحين فرض سعر أقل من السعر الذي تستحقه، ومن معرض التضامن للسيارات في بئرباشا، لكن الضامن الأول عندما حاول قسم شرطة الجديري في حي القبة إحضاره وفقاً للتوجيهات نيابة غرب تعز، رفض الحضور للنيابة وقال إن محطة البترول الضامنة للعصابة المسلحة تابعة لأحد الألوية العسكرية التابعة للمحور.
أوامر قهرية: في تاريخ 27 أكتوبر/تشرين الأول، و15 نوفمبر/تشرين الثاني2020 أصدرت نيابة غرب تعز أوامر قهرية لإحضار أحمد سلطان وأخيه محمد سلطان، لكن لا شيء تم تنفذه ولا إجراءات فعلية من قبل الأجهزة الأمنية حيث تمارس العصابة أعمال البناء على الأرضية الملوكة للمكاوي وينتشر المسلحون والملثمون والأطقم العسكرية في محيط الأرضية، في تحدي للقانون والدستور والقضاء والدولة.
في التصريحات الصحفية: نقلت إدارة الإعلام في السلطة المحلية الإثنين 4 يناير/كانون الثاني2021، عن محافظ محافظة تعز نبيل شمسان قوله: ” دعم الاجهزة الأمنية والذي تحتل الصدارة تعتبر من ضمن الأوليات لتتمكن من أداء واجبها بالشكل المطلوب في تثبيت الأمن والاستقرار، وكذلك دعم ومساندة القضاء وتنفيذ توجيهاته وأحكامه على أرض الواقع.
فيما أكد العميد منصور الأكحلي، مدير عام شرطة تعز، أن الأجهزة الأمنية تعمل على الحد من تنامي ظاهرة السطو المسلح على أراضي المواطنين في تعز، وحماية ممتلكات المواطنين: وأضاف في تصريح نقله عنه موقع “المشاهد” أن كل ملك يكتسبه أي مواطن بطريقة مشروعة، هو محمي بنص الدستور والقوانين، وتقع على عاتق قوات الشرطة والجيش حماية هذه الملكية، وإذا حدث فيها نزاع بين متنازعين عليها، فالأصل أن القضاء هو الذي يفصل في أحقية المتنازعين لهذه الملكية، ولا دخل للشرطة فيها على الإطلاق، لأنها قضايا مدنية، إلا إذا نتج عن النزاع اعتداء، فهنا تتدخل الشرطة والنيابة”، مضيفاً أن الشرطة ترفض مثل هذه السلوك الإجرامي، وتقف ضد كل من يحاول الاعتداء وحيازة ملك غيره بالقوة، أو بالاحتيال.
في الواقع: عجزت الأجهزة الأمنية أكثر من مرة على منع الاعتداء وايقاف الجماعة المسلحة تنفيذاً لتوجيهات القضاء، وكانت شرطة أمن المظفر قد حاولت أخر مرة (الاثنين 4يناير/كانون الثاني2021)، تنفيذ أوامر القضاء، لكن أفراد الحملة عادوا أدراجهم ورفعوا تقرير تحت إمضاء خمسة من الجنود إلى مدير أمن المظفر؛ تضمن التالي: “نرفع إليكم هذه التقرير بخصوص النزول إلى أرضية الحرة مريم المكاوي بحسب الأمر القضائي وتوجيهاتكم لنا بتوقيف العمل، فوجدنا طقم وخيمة طربال وحوالي 40 مسلح بسلاح ثقيل وملثمين في الأرضية وتم عرض الأمر القضائي على شقيق رمي الخليدي الذي يقود المسلحين ورفضوا توقيف العمل وقالوا إنهم سيذهبون للقاضي“.
أخير: تعتبر السلطة المحلية والأجهزة الأمنية هي الجهات المسؤولة في تنفيذ توجيهات القضاء وحماية حقوق الناس.
تفاعل: أجرينا تواصلات مع الجهات المختصة خلال إعداد هذا التقرير وفي 7 يناير كانون الثاني 2020، تفاعل مدير أمن شرطة تعز العميد منصور الأكحلي وبعث مذكرة رسمية إلى كل من قائد محور تعز اللواء خالد فاضل، وإلى قائد اللواء 17مشاة، موضوع المذكرة يتعلق بالمدعو رامي الخليدي وهو أحد أفراد اللواء 17 مشاة وأشار مدير الأمن في المذكرة ” أن إدارته تلقت توجيه من محكمة غرب تعز يقضي بإيقاف العمل في الأرضية المملوكة للمواطنة مريم المكاوي حتى يتم التحديد، وكذلك أمر قبض قهري بالمدعوى بأحمد سلطان المقطري وأخيه محمد، وقد باشرت إدارة أمن المظفر تنفيذ التوجيهات القضائية إلا أن المذكورين ومعهم جماعة مسلحة مكونة من أربعين مسلح مع طقمين اعاقوا وامتنعوا عن تنفيذ التوجيهات ورفضوا توقيف العمل.
طالب مدير شرطة تعز من قيادة المحور ضبط المذكورين والجماعة المسلحة وإرسالهم إلى إدارة أمن تعز لإستكمال الإجراءات القانونية وإحالتهم للقضاء.