أطلقت مؤسسة فري ميديا للصحافة الاستقصائية سلسلة تقارير “عام الصحة” كجزء من حملة مكافحة الفساد في محافظة تعز، نتناول في هذه السلسلة بمزيد من التفصيل الصورة الحقيقية للفساد في القطاع الصحي في محافظة تعز، يكشف التقرير أن الفساد يحدث بعلم ومشاركة السلطة المحلية ووزير الصحة السابق في الحكومة اليمنية.
ونؤكد أن جميع المعلومات الواردة في تقاريرنا مستمدة من الوثائق والمستندات الرسمية، والبحث الميداني القائم على مقابلات دقيقة مع المسؤولين الحكوميين والعاملين في القطاع الصحي.
وخلال فترة خمسة أشهر من العمل الميداني، حصلنا على عدد من الوثائق والمعلومات الموثقة، ووضعنا البيانات والمعلومات والوثائق والأدلة في سياقها، وفي هذا التقرير سوف نركز على مضمون العديد من الوثائق التي تم تحريرها من قبل مكتب وكيلة المحافظة للشؤون الصحية ورفعت إلى محافظ تعز؛ لكنه تجاهلها.
صراع الأجنحة: في 13 أبريل/نيسان 2020، وبالتزامن مع تفشي الجائحة الأولى من وباء فيروس كورونا في محافظة تعز اليمنية، قررت قيادة السلطة المحلية بالمحافظة تعيين مديراً عاماً لمكتب الصحة العامة والسكان، وإزاحة الدكتور عبد الرحيم السامعي، من هذا المنصب.
وبحسب إفادة ثلاثة من مسؤولي الجهات الحكومية في تعز، أن اختيار الشخص البديل لإدارة القطاع الصحي الحساس والمتعلق بحياة الناس لم يتم وفقاً للإجراءات القانونية ومعايير شغل الوظيفة العامة، ومبدأ الكفاءة والنزاهة، إذ خضعت عملية التعيين للمعايير السياسية والمحسوبية؛ فكان الطبيب في المختبرات العامة، راجح عبد الواحد أحمد المليكي هو صاحب الحظ السياسي فتم تكليفه من محافظ المحافظة تعز، في 14أبريل/نيسان 2020، في هذه المنصب.
وبحسب مسؤولين حكوميين لديهم معرفة كافية بما يجري في أروقة السلطة المحلية، فضلنا عدم نشر هوياتهم حتى لا يتعرضوا للأذى في عملهم؛ أن محافظ المحافظة أتخذ قرار تكليف المليكي في مكتب الصحة بناءً على توصية نبيل جامل مدير مكتب التخطيط والتعاون الدولي في تعز إضافة إلى توصية عبد الناصر الكباب، مدير مكتب الصحة الأسبق، وتضيف المصادر نفسها: أن الخلاف القديم بين الكباب مدير الصحة الأسبق وبين مدير الصحة السابق الدكتور عبدالرحيم السامعي هو ما دفع الأول إلى بذل كل الجهود لتغيير السامعي، حيث يعتقد الكباب أن للسامعي دوراً محورياً في قيادة حراك موظفي مكتب الصحة عام 2012 ضده عندما كان مدير مكتب الصحة، وهذا الحراك كان سبباً لتغيير الكباب من مكتب الصحة، ومنذ ذلك الحين بدأ الكباب صراعه مع السامعي واستخدم في صراعه مع السامعي الدكتورة إيلان عبد الحق والتي تشغل منصب وكيلة شؤون الصحة في تعز، تسبب ذلك في تدهور القطاع الصحي في مدينة تعز، ولكن حدث تغيير مفاجئ في مطلع العام 2020، حيث اكتشفت إيلان أنه تم الزج بها في صراع الأجنحة وقررت الانسحاب من هذا الصراع وعملت على إنهاء الخلاف مع السامعي الذي كان يشغل منصب مدير مكتب الصحة، هذا التقارب الغير مرغوب به بالنسبة للكباب دفعه للتخطيط بإبعاد السامعي من منصب مدير مكتب الصحة وتعيين راجح المليكي الشخص المقرب منه في هذا المنصب؛ وبالفعل نجح في ذلك.
المسمار الأخير في نعش الصحي: قرار تكليف راجح المليكي بمنصب مدير مكتب الصحة تم إتخاذه دون أي إعتبار لمدى خدمة هذا القرار للقطاع الصحي الذي كان في ذلك الوقت يواجه أول جائحة لوباء كورونا، وبهذا القرار ضربت السلطة المحلية المسمار الأخير في نعش القطاع الصحي في تعز، ودفعت بشريك أكثر فتكًا من الوباء نفسه: إنه الفساد.
تعطيل دور وكيلة المحافظة للشؤون الصحية: تقول الدكتورة إيلان وكيلة شؤون الصحة في تعز، أنها مارست مهمتها وفقاً للمسؤولية القانونية الملقاه على عاتقها، وبدأت ممارسة دورها الرقابي على إدارة مكتب الصحة في المحافظة.
لكنها واجهت عراقيل وضعت أمامها من قبل جماعة الضغط التي يقودها عبد الناصر الكباب، إذ طالبها بالتوقف عن تقديم تقارير فنية تحتوي على تفاصيل فساد وانتهاكات للقانون من قبل مدير مكتب الصحة، إلى محافظ المحافظة.
وقال لها من خلال اِتِّصَال هاتفي: “تقومين بدور رقابي في خدمة جناح التنظيم الشعبي الناصري الوحدوي بقيادة عبد الرحيم السامعي”، حسب تصنيف الكباب الذي يعتقد أن السامعي يخوض صراع معه بدعم من الناصري، وهو ما يعتبره التنظيم الناصري في تصريح المسؤول الإعلام مجيب المقطري، لـ” فري ميديا”، مجرد اِفْتِراء كاذب تحاول شبكة الفساد في قطاع الصحة أن تصور للمحافظ كل ما يهدد مصالحها أنه خلافات سياسية، وأكد المقطري بأن التنظيم ليس له أي علاقة في إدارة المكاتب التنفيذية، وطالب من محافظ تعز نبيل شمسان، بالتوقف عن تسييس الوظيفة العامة، والقيام بواجبه في محاسبة ومساءلة كل من يمارس الفساد في مرافق ومؤسسات الدولة، وفقاً للقانون، وحمله مسؤولية ذلك”.
وقدمت الوكيلة عدد من التقارير إلى رأس السلطة المحلية وتجاوزت الانحياز لأياً من أجنحة الصراع في قطاع الصحة المنهك بالصراعات السياسية، لكن مدير مكتب الصحة وصديقه عبدالناصر الكباب ومعهما شبكة من أصحاب المصالح في قطاع الصحة وتربطهم علاقة قوية بمكتب محافظ محافظة تعز، نجحوا في تعطيل دور وكيلة القطاع الصحي، الأمر الذي أسفر بالفعل إلى تجريدها من مهامها من قبل المحافظ تحت تأثير الجناح المدافع عن الفساد، ودفعت جماعة الضغط، محافظ المحافظة بأن يتجاهل كافة التقارير الفنية والرقابية المرفوعة إليه من وكيلة شؤون الصحة، وصنف ما تفعله الوكيلة في سياق الخلافات السياسية، رغم أن التقارير التي حصلت فري ميديا على نسخة منها مهنية وتحتوي على تفاصيل فنية بحته، وتظهر المخالفات والتجاوزات والاختلالات والفساد الواضح في القطاع الصحي، وتؤكد أن الفساد الذي يحدث في أروقة القطاع الصحي يتطلب قراراً مسؤولاً من محافظ المحافظة ويحدث تغيير في قيادة القطاع الصحي، وكانت وكيلة الصحة قد تضمنت في توصيات تقاريرها صراحة تغيير مدير مكتب الصحة الحالي، ورفض ذلك المحافظ، رغم أن توصيات الوكيلة تطابقت مع توصيات تقرير لجنة تقييم مكتب الصحة المشكلة من قبل المحافظ والتي قدمت تقريرها للمحافظ، (سوف ننشر التقرير ضمن هذه السلسلة من تقاريرنا)، وتضمن ضرورة إعادة النظر في قيادة مكتب الصحة.
الوثائق: الوثيقة الأولى عبارة عن تحليل للبيانات الوبائية من وباء كورونا خلال الجائحة الأولى في محافظة تعز، حيث قدمت وكيلة شؤون الصحة في المحافظة الدكتور إيلان عبد الحق، في تشرين الثاني / نوفمبر 2020، تقريراً أعده خبراء، يقدم تحليلاً وبائياً للوباء من واقع القائمة الخطية خلال الفترة من 1 مايو/أيار إلى 13 أغسطس/آب 2020، وتشير نتائج هذا التحليل إلى وجود اختلالات كارثية تؤكد ضعف أداء مكتب الصحة في مواجهة الوباء رغم الميزانية المخصصة لذلك، على سبيل المثال عدم وجود بيانات في القائمة الخطية من حيث: العمر، العنوان، التصنيف النهائي للحالة، تاريخ بدء الأعراض، وكذلك وجود تعارض في البيانات، وهذا يدل على وجود خلل كبير في أداء فرق الاستجابة الميدانية، فضلاً عن وجود خلل في عمل المشرفين في مكتب الصحة بالمحافظة، كما أشارت نتائج التحليل إلى عدم وجود دور لمكتب الصحة، وأكد التقرير أكثر من مرة وجود ميزانية كبيرة مخصصة لمواجهة الوباء من بينها المخصصات المالية التي تدفعها منظمة الصحة العالمية لمدخلي البيانات والمنسقين والمشرفين.
وذكر التحليل أيضا أن هناك تناقض في البيانات المقدمة من قبل المختبر المركزي مع البيانات المقدمة من قبل مكتب الصحة، وكان هذا التباين في عدد من الحالات، حيث أظهرت بيانات المختبر المركزي أن عدد الحالات التي تم فحصها حتى أغسطس/آب 2020، وصل إلى سبعمائة وخمسة وتسعين حالة، منها 312 سلبية 483 إيجابية، وفي بيانات مكتب الصحة بلغ عدد الحالات خمسمائة وتسعة وخمسون حالة، الإيجابية 298 والسلبية 221حالة.
وفي التوصيات أكدت وكيلة الشؤون الصحية للمحافظ أن هذا التحليل دليل كافٍ على عشوائية وفشل مكتب الصحة في إدارة أزمة جائحة كورونا. وطالبت الوكيلة بتغيير مدير مكتب الصحة وتعيين شخص كفء وحيادي لإدارة القطاع الصحي ومواجهة الوضع الوبائي المتدهور في المحافظة، لكن المحافظ تجاهل ذلك لتحل كارثة جائحة كورونا الثانية والتي كشفت فشل مكتب الصحة في مواجهة الجائحة ما تسبب عن موت الناس في البيوت ورفضهم في دخول مراكز العزل وعدم توفر الأدوية وتوظيف طلاب في مراكز العزل كما رصد هذا التقرير.
الوثيقة الثانية: تضمنت الوثيقة، وهي عبارة عن تقرير فني صادر أيضاً عن المسؤول الأول عن الشؤون الصحية في تعز، وكيلة المحافظة، وقد رفع هذا التقرير إلى محافظ المحافظة، في 19 تشرين الثاني / نوفمبر، 2020، يحتوي هذا التقرير على (86) وثيقة، حصلت “فري ميديا Free Media” على نسخة منها.
ويشير التقرير إلى أن: مدير مكتب الصحة في تعز حصل على دفعة أولى من الأموال من وزارة الصحة والسلطة المحلية تصل إلى 65 مليوناً خلال أول جائحة لوباء كورونا، بالإضافة إلى أموال تم الحصول عليها دون علم لجنة الطوارئ بالمحافظة والتي تم تعيينه بقرار من المحافظ.
وذكر التقرير أن مدير مكتب الصحة: قام بصرف المبالغ التي تعد عُهد على لجنة الطوارئ للتعامل مع الأوبئة والحميات، دون الرجوع إلى لجنة الطوارئ للموافقة على عملية الصرف، ومعرفة أوجه الإنفاق وبدون وجود أي محاضر رسمية لإعتماد عملية الصرف من قبل اللجنة، وفقاً للقانون المالي رقم (8) لسنة 1990 ولائحته التنفيذية، بحسب التقرير: رفض مدير مكتب الصحة تزويد الوكيلة بالبيانات والمستندات المؤيدة لعملية الصرف لغرض تقديم تقرير إلى رئيس مجلس الوزراء بناء على طلب الأمانة العامة لرئيس مجلس الوزراء بتاريخ 11 يوليو/تموز 2020 من السلطة المحلية تقريراً مفصلاً يتضمن المبالغ المالية الواردة من وزارة المالية وآلية استعمالها وصرفها وفق خطة السلطة المحلية ومكتب الصحة بالمحافظة، كما رفض جميع القرارات والتوجيهات الإدارية الصادرة إليه من وكيلة الشؤون الصحية بالمحافظة رغم أنها المسؤول عن القطاع الصحي، وفقاً لقرار تعيينه.
جاء رفض مدير مكتب الصحة في عدم التعامل مع وكيلة الشؤون الصحية في السلطة المحلية، بحسب التقرير، لأن الأموال صرفت لغير الأهداف المخصصة لها، أي لم تصرف بحسب الهدف الذي خُصصت من أجله، بالإضافة إلى وجود مصروفات وهمية. ورفض مدير مكتب الصحة التعليق على ما ورد في هذا التقرير مشيراً إلى أنه لا يتعامل مع الصحافة إلى عبر الجهات القضائية.
انقر هنا للوصول إلى وثيقة تقرير تجاوزات مدير مكتب الصحة ومرفقاته
أموال كورونا في حسابات راجح البنكية: من بين الوثائق التي حصل عليها فريق فري ميديا، تقرير ثالث قدمته أيضًا وكيلة المحافظة للشؤون الصحية بمحافظة تعز، في 14فبراير/شباط 2021، إلى محافظ المحافظة.
ذكر التقرير الذي يحمل عنوان بـ “استمرار طلب مدير مكتب الصحة من وزارة الصحة بتحويل أموال إلى حسابه الشخصي لدى مصرف الكريمي”، أنه في 13مايو/أيار 2020، أصدر مدير مكتب الصحة راجح المليكي مذكرة رقم (953) لوزير الصحة في الحكومة اليمنية آنذاك الدكتور ناصر باعوم (حصلت فري ميديا على نسخة)، تفيد بإخلاء العهد المالي السابق وتطالبه بنقل عهدة جديدة إلى حسابه الشخصي لدى بنك الكريمي رقم (820567) بدلاً من صرف المبلغ عن طريق حساب مكتب الصحة بالبنك المركزي، مبرراً قلة السيولة لدى البنك، وهو ما لم يؤكده البنك المركزي بصفته الجهة المعنية بتوضيح ذلك من خلال طلب خطي يوجهه البنك إلى وزارة المالية، حيث أن المبالغ التي سيتم تحويلها هي أموال عامة خاضعة للرقابة والمحاسبة.
وأشار التقرير إلى أن مدير مكتب الصحة يرفض تزويد وكيلة المحافظة للشؤون الصحية والجهات الرقابية الممثلة في مكتب المالية بالمستندات المؤيدة لعملية صرف هذه المبالغ التي تقدمها وزارة الصحة لمواجهة وباء كورونا، على الرغم من مخاطبته بمذكرة رقم (1102) بتاريخ 13 أغسطس/آب 2020، ومذكرة تعقيبية رقم (1130) في 23 أغسطس/آب 2020، ومذكرة ثالثة رقم (1459) في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2020، ومذكرة أخرى رقم (1526) في 21أكتوبر/تشرين الأول 2020، جميع هذه الخطابات قوبلت بالرفض التام؛ بحجة أن تلك المبالغ أُرسلت إليه شخصياً ولا يحق لأية جهة الإطلاع أو الحصول على تقرير يوضح كم هذه المبالغ وكيف صرفت ؟! وما هي أوجه الصرف القانونية؟!، التي خولت مدير مكتب الصحة بالتصرف بالأموال دون الرجوع للجنة الطوارئ أو إطلاعها على ذلك، الأمر الذي يعد مخالفة لنصوص وأحكام المواد (26،37،39،43) من القانون المالي رقم (8) لسنة 1990، ويعد هروباً من الرقابة المالية المحددة بنصوص المواد (56،42) من ذات القانون، كما يعد ذلك مخالفة مالية وفقاً للنصوص المواد (7،3،65) من نفس القانون، وعرقل سير عمل اللجنة وتعريض حياة المواطنين للخطر وهو ما يعد جريمة وفقاً لنص المادة (169) من قانون العقوبات.
وطالبت وكيلة الشؤون الصحية المحافظ بتفعيل المساءلة وحماية المال العام، وإحالة الأمر إلى الجهات المختصة للتحقق والمحاسبة وفق القانون، ووقف الإجراءات الفردية، وطلب العهد المالية وإيداعها في حسابات مصرفية شخصية وصرفها بطرق مخالفة للقانون، وإخضاع الحساب الشخصي لمدير مكتب الصحة في بنك الكريمي للرقابة العامة والخاصة، وتوضيح اوجه صرف المبالغ المودعة والمصروفة منه منذ تاريخ طلب مدير مكتب الصحة بتحويل الأموال العامة إلى حسابه الشخصي.
انقر هنا للوصول إلى وثيقة تقرير يكشف تفاصيل إيداع أموال مخصصة لمواجهة كورونا إلى الحساب الشخصي لمدير مكتب الصحة لدى بنك الكريمي
محافظ تعز يتجاهل وكيلة شؤون الصحة: تابعنا الإجراءات التي أتخذها المحافظ بخصوص التقارير المرفوعة إليه من وكيل الشؤون الصحية، وأتضح أن المحافظ تجاهل جميع تقارير وكيلة المحافظة، وبحسب أربعة مصادر مطلعة على تفاصيل ما يجري في أروقة السلطة المحلية، نجحت جماعة الضغط بقيادة عبد الناصر الكباب في استقطاب المحافظ إلى صفوفهم متجاهلاً كل التقارير التي رُفعت إليه من قبل وكيلة شؤون الصحة التي تطالب بمحاسبة الفاسدين في القطاع الصحي وخاصة مدير مكتب الصحة الذي ثُبتت أدلة إرتكابه لجرائم إختلاس الأموال العامة (كما سنشرح في التقرير الثاني من سلسلة تقاريرنا)، أصبحت القرارات والتوجيهات الصادرة عن وكيلة المحافظة لمكتب الصحة لا تنفذ وسط صمت المحافظ الذي أبعدها عن لجنة الطوارئ وأصدر قراراً بتعيين الشيخ عارف جمال رئيساً للجنة، كما حاول المحافظ الإطاحة بالدكتورة إيلان من منصب وكيلة الشؤون الصحية وتعيين شخصية بديلة في منصبها.
محاولة المحافظ الإطاحة بوكيلة شؤون الصحة: قابل فريق فري ميديا مصادر من بينها شخصيات مرتبطة بالقصة، وبحسب المصادر أرسل المحافظ مذكرة إلى مكتب رئيس الجمهورية تضمنت ترشيح المدير الحالي للمستشفى الجمهوري نشوان الحسامي لمنصب وكيل المحافظ للشؤون الصحية، إلا أن مستشار رئيس الجمهورية رشاد العليمي الذي تعتبر وكيلة المحافظة منتمية لجناحه في حزب المؤتمر، تدخل بإيقاف قرار تعيين البديل الذي كان على وشك الصدور، وشعر المحافظ أن قراراته تعرقلت، الأمر الذي دفعه بحسب المصادر إلى تصنيف جميع التقارير التي قدمتها له وكيلة الشؤون الصحية كونها تأتي في إطار صراعات بين الوكيلة ومدير مكتب الصحة، بدلاً من معالجة الاختلالات في القطاع الصحي.
شكل الصراع السياسي في السلطة المحلية عقبة أمام أي جهود في مجال مكافحة الفساد وتعزيز المساءلة والشفافية في القطاع الصحي، وساعد الفاسدين باللعب على تقوية هذه الخلافات السياسية وكسب الوقت والتخطيط لاتخاذ قرارات إدارية في القطاع الصحي لمصلحة لوبي الفساد.
في السياق، زار مدير مكتب المحافظ علي قاسم العيادة الخاصة للدكتورة إيلان عبد الحق برفقة مدير مكتب الصحة، فيما كان فريق فري ميديا في عيادة الدكتور إيلان لإجراء مقابلة فيديو.
وعلم فريقنا أن مدير مكتب المحافظة طلب من الوكيلة التوقف عن تقديم التقرير المتضمن المخالفات التي يمارسها مكتب الصحة مقابل قيام مدير مكتب الصحة بتنفيذ جميع توجيهاته الإدارية وعدم رفض التوجيهات.
المحافظ يحاول النأي بنفسه عن المسؤولية القانونية؛ من أجل ألا يظهر أنه مسؤول عن التواطؤ مع الفساد، فيما واصلت وكيلة المحافظة تقديم التقارير إلى المحافظ الذي أصبح مسؤولاً عن عدم إتخاذ إجراءات لضمان مساءلة المسؤولين عن الفساد في القطاع الصحي، خاصة بعد أن علم بتفاصيل الفساد من خلال التقارير المرفوعة إليه، هذا الأمر جعله يصدر قرارًا بتشكيل لجنة لتقييم أوضاع مكتب الصحة، كما أحال إلى مكتب المالية التقرير الخاص بـ جريمة إستلام مدير مكتب الصحة أموالاً عامة من خلال حسابه الشخصي في بنك الكريمي، للقيام بالإجراءات.
إجراءات مكتب المالية: أجرينا عملية زيارات ميدانية لمكتب المالية للوقوف على الإجراءات التي أتخذها مكتب المالية بخصوص طلب مدير مكتب الصحة في تعز من وزير الصحة بتحويل الأموال العامة إلى حسابه الشخصي في بنك الكريمي.
وأكد مكتب المالية: أن مدير مكتب الصحة في تعز ووزير الصحة الأسبق الدكتور ناصر باعوم أرتكبا مخالفة تتمثل في توريد أموال عامة للحساب الشخصي لمدير مكتب الصحة في بنك الكريمي؛ وقال ثلاثة من المسؤولين الماليين: ” أن هذه جريمة، وأن مكتب المالية أكد مراراً وتكراراً في تقاريره ومذكراته للسلطة المحلية، بعدم جواز تحويل الأموال أو طلب صرف مبالغ إلى حسابات خاصة مهما كانت الأسباب والمبررات”.
وأشارت المصادر إلى: أن مكتب المالية أكد للسلطة المحلية أن هناك حسابات للمؤسسات الحكومية في البنك المركزي، ولكن كل التعليمات التي نصدرها دائماً ما يتم تجاهلها رغم وضوح المخالفات والتجاوزات وإنتهاك القانون.
ويفترض بنيابة الأموال العامة القيام بدورها وتحرير مذكرة إلى بنك الكريمي لإخضاع الحساب للرقابة بعد أن تم استخدامه للاستيلاء على أموال عامة واستخدامها بعيداً عن رقابة مكتب المالية والجهات المختصة.
وفقاً للبيانات التي حصلنا عليها عبر وزارة المالية في عدن، أن الأموال التي تم ايداعها لحساب الشخصي لمدير الصحة بالمخالفة للقانون المالي وصلت إلى 200 مليون ريال.
وأكد مسؤولو المالية: أن كافة هذه المبالغ تم التصرف بها من قبل مدير مكتب الصحة دون إخضاعها للرقابة القانونية، فضلاً على أنه يرفض تقديم الوثائق المؤيدة لعملية التصرف بهذه الأموال، كما أنه تم تشكيل لجنة من مكتب المالية للنزول إلى مكتب الصحة لمراجعة وفحص الكشوفات والوثائق المتعلقة بالصحة، وللأسف لم تجد اللجنة أي بيانات صحيحة وجميع الوثائق غير متوفرة، وما هو متوفر عبارة عن كشوفات وأرقام بدون وجود وثائق تؤيد هذه الكشوفات، ويبرر مكتب الصحة أنها في محافظة عدن وأحياناً أنه قام بتسليمها للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وأحيان أخرى يقول: إنه قام بتسليمها لوزير الصحة.
“الموضوع هو تتويه بحيث لا تستطيع الجهات المختصة والرقابية الوقوف عند مصير هذه الأموال”، يقول مسؤولو المالية.