فكرة وتصميم |سالم جميل

عام الصحة: الفساد ثقب أسود في مكتب الصحة.. إليك النص الكامل لتقرير لجنة تقييم الوضع الصحي في تعز

سياق التقرير

يأتي هذه التقرير ضمن سلسلة تقارير حملة “عام الصحة” التي أطلقتها مؤسسة فري ميديا للصحافة الاستقصائية، كجزء من مكافحة الفساد في محافظة تعز، وسوف نركز في هذا التقرير على تفاصيل وثيقة تقرير اللجنة الرباعية المكلفة من قبل محافظ محافظة تعز لتقييم وضع مكتب الصحة، وكانت اللجنة قد رفعت تقريرها للمحافظ في أبريل/نيسان        .2021

تشكيل اللجنة: تحت مبرر الصراعات السياسية تجاهل محافظ محافظة تعز، نبيل شمسان كآفة التقارير المرفوعة إليه من وكيلة شؤون الصحة الدكتورة إيلان عبدالحق، وأصدر أمراً إدارياً رقم (136) لسنة 2020 بشأن تشكيل وتسمية لجنة تقييم وضع مكتب الصحة في المحافظة، برئاسة مدير مكتب المالية الدكتور محمد عبدالرحمن السامعي وعضوية كل من، المحامي عبدالوهاب عبدالجليل مدير الشؤون القانونية، ونبيل جامل مدير مكتب التخطيط، وفضل الشيباني مدير مكتب الخدمة المدنية، وعبدالرحمن الصبري مدير مستشفى خليفة، وبدأت اللجنة مهامها بتشكيل لجنة فنية مساعدة لها مكونة من أربعة أشخاص، اثنان من مكتب المالية، واثنان من مكتب التخطيط ومكتب الخدمة المدينة، وحُددت مهمة اللجنة الفنية بالنزول الميداني إلى مكتب الصحة وتقييم الوضع المالي والإداري وتمويل المنظمات، وأيضاً النزول إلى المستشفيات والمرافق الصحية لجمع البيانات المتعلقة بأوجه صرف الأموال المقدمة لهذه الجهات والتدقيق فيها، إضافة إلى دراسة مدى الإلتزام بالإجراءات القانونية والإدارية أثناء صرف مبالغ الدعم ومدى كفاءة الإستخدام القانوني لهذا الدعم. 

وحصل فريق “فري ميديا” على النسخة الكاملة للتقرير الفني الصادر في 12أبريل/نيسان2021، والذي جاء مطابقاً ومؤكداً للتقارير الفنية لوكيلة شؤون الصحة المرفوعة للمحافظ، ويظهر أن جميع أعضاء اللجنة وقعوا على التقرير بإستثناء الدكتور عبدالرحمن الصبري مدير مستشفى خليفة، وسبب إمتناعه عن التوقيع هو أن اللجنة كشت تورطه في صفقة فساد مع مدير مكتب الصحة، تمثلت بالقيام بعملية شراء وهمية لجهاز غاز الدم المقدر سعره بـ 10 ملايين  800ألف ريال، كشفت اللجنة في نهاية عدم وجود الجهاز في مستشفى خليفة في مدينة التربة جنوبي المحافظة.

أولاً | توصيات التقرير

  • التوصية الأولى: إحالة تقرير اللجنة الفنية المساعدة للجنة المكلفة للتقييم إلى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، لمراجعة العمليات المالية للأعوام 2019/2020. 

بالنظر إلى توصيات التقرير نجد أن اللجنة لم تضع توصيات عادلة تعالج الفساد الذي ذكرت وقائعه في فقرات تقريرها، ولم تكن التوصيات مدعومة بنصوص وأحكام القوانين الوطنية التي تعالج الفساد. وقالت مصادر في اللجنة لـ “فري ميديا” أن اللجنة واجهت عراقيل بخصوص القيام بمراجعة حقيقة للوضع المالي في قطاع الصحة، وأضافت: جميع الوثائق غير موجودة ما جعل من الصعب على اللجنة البت في صحة البيانات المالية لعدم وجود أي مؤيدات، وأشارت المصادر التي نحتفظ بكافة التسجيلات والمقابلات معها، إلى أن مدير مكتب الصحة يبرر أن الوثائق في محافظة عدن، وتساءلت المصادر: لماذا لا يوجد نسخة من الوثائق التي يزعم مكتب الصحة أنها في عدن وأين المذكرة التي قدمها إلى عدن وأين الاستلام الذي حصل عليه من الجهات المعنية ويؤكد استلام الوثائق وعددها ونوعها ومضمونها.

لذلك قررت اللجنة وفقاً للمصادر في أول توصيات التقرير، إحالة تقريرها للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، رغم أن الجهاز ينظر حالياً في أربعة ملفات فساد مرتبطة بقطاع الصحة ولم تظهر نتائج فحص الجهاز لهذه الملفات رغم مرور ستة أشهر على قيامه بعملية المراجعة والتدقيق للملفات، فضلاً عن ذلك، قام راجح المليكي بإعادة مازن عزيز عبده سيف إلى وظيفته في برنامج التحصين في الوحدة الصحية 22 مايو التابعة لمديرية المظفر، والتي تم إبعاده من الوظيفة ضمن عشرات الأسماء من قبل إدارة مكتب الصحة السابقة لأن معايير وشروط الوظيفة لا تنطبق عليهم، الشاهد في الموضوع أن مازن هو نجل عزيز عبده سيف الموظف بالجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الذي يعمل على تدقيق ملفات فساد الصحة، وأبلغ فريق العمل الميداني في ” فري ميديا” وكيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وطلب الوكيل ما يثبت ذلك وقدم الفريق كشف حصل عليه من مصادر خاصة ويحتوي على جميع الموظفين ومن ضمنهم مازن.

كشف يوضح توظيف نجل موظف الجهاز
  • التوصية الثانية: إعادة النظر في وضع مكتب الصحة وتنشيط وتفعيل كافة الإدارات والأقسام وفقاً للقانون واللوائح المنظمة والهيكل التنظيمي للمكتب.

ذكرت ثلاثة مصادر في مكتب المالية وفي لجنة التقييم، خلال لقاءات جمع المعلومات التي نفذها فريق “فري ميديا”، أن التقرير خضع للتعديل عدة مرات، وأن البند الثاني من التوصيات تم تعديله منـ” ضرورة تعيين مديراً جديداً لمكتب الصحة وإحالة قيادة مكتب الصحة للتحقيق معهم من قبل نيابة الأموال العامة”، إلىـ “إعادة النظر في وضع مكتب الصحة…”. 

  • التوصية الثالثة: إحالة عمل المنظمات إلى مكتب التخطيط وفقاً للاختصاص

نظراً للإختصاص الوظيفي والمسؤولية القانونية، يعتبر مكتب التخطيط مسؤولاً عن الفساد في جميع مشاريع المنظمات الدولية والمحلية، وشريكاً في فساد مكتب الصحة، لأنه سمح بتوقيع إتفاقيات مع المنظمات لتنفيذ المشاريع والبرامج دون دراسة واقعية لحاجة القطاع الصحي لهذه المشاريع، وإلا ما حاجة قطاع الصحة في مديرية المظفر على سبيل المثال لتنفيذ في  2020مشروع توزيع (2895) حقيبة تحتوي على “منشفة صغيرة، ومعجون أسنان، ومشط شعر، ومقلمة أظافر، و6 علب صابون” وتصل تكلفة المشروع نحو  229مليوناً و825 ألف ريالاً، في حين تفتقر المرافق الصحية في المديرية للأجهزة الطبية وغرف عمليات متكاملة، كل ذلك لأن المشاريع تنفذ بين مكتب الصحة والمنظمات دون دراسات واقعية ودون تدخل من مكتب التخطيط الذي يفترض أن يكون على علم بجميع المشاريع المنفذة في القطاع الصحي ولديه تقارير فنية ومالية وتقارير إنجاز لهذه المشاريع، ولكن منذ عام 2015 لم يقم مكتب التخطيط بدوره وفي عام 2021 تذكر أنه مسؤول عن مراقبة جميع مشاريع وبرامج المنظمات في جميع القطاعات بما في ذلك الصحة، وقرر إخضاع برامج ومشاريع المنظمات لإدارتها حسب الإختصاص القانوني، ولكن هناك عدة احتمالات، الأول أن مكتب التخطيط شريك في هذا الفساد، والثاني أنه أتخذ كآفة الإجراءات القانونية للقيام بعملية المتابعة والتقييم للبرامج والمشاريع في قطاع الصحة، ولكن قيادة الصحة رفضت التعامل معه، وفي الحالة الأخيرة يفترض أن يقدم تقريراً للمحافظ يوضح ذلك، ولم يظهر ذلك.

وبحسب المصادر أن هناك علاقة وطيدة بين مدير مكتب التخطيط والمدير الحالي لمكتب الصحة، وينتميان إلى نفس المديرية، صبر الموادم، هذه العلاقة جعلت مكتب التخطيط يتجاهل مخاطبة مكتب الصحة لمعرفة تفاصيل مشاريع المنظمات في القطاع الصحي، وتشير المصادر إلى وجود مصالح مشتركة بين الطرفين.

  • التوصية الرابعة: تصحيح العلاقة بين وكيلة شؤون الصحة ومكتب الصحة بما يخدم سير العمل في القطاع الصحي وفقاً للقوانين واللوائح. 

في البداية هل توجد خلافات بين وكيلة شؤون الصحة وبين إدارة مكتب الصحة، في الوقت الحالي الخلافات مفتعلة من قبل شبكة الفساد في قطاع الصحة، وكانت الخلافات الفعلية باعتراف وكيلة شؤون الصحة، خلال الفترة التي كان الدكتور عبدالرحيم السامعي يشغل منصب مدير مكتب الصحة، إذ كانت الدكتورة إيلان منحازة إلى صف عبدالناصر الكباب الذي كان بخلاف مع السامعي، وفقاً لمصادر مقربة تعمل في مكتب وكيلة شؤون الصحة، لكن عندما تولى راجح المليكي منصب مدير مكتب الصحة انتهت هذه الخلافات السياسية وكليهما ينتميان سياسياً لحزب المؤتمر الشعبي العام، وما حصل وفقاً للمعلومات التي توصل لها فريق “فري ميديا”، أن الوكيلة حاولت القيام بدورها القانوني في ممارسة دور الإشراف على مكتب الصحة وكانت تقاريرها لا تخدم شبكة الفساد في قطاع الصحة والمرتبطة بعلاقة متينة بمكتب محافظ المحافظة ما جعل هذه الشبكة تقنع محافظ تعز بأن تقاريرها نتيجة خلافات سياسية بين الوكيلة والمليكي وتمكنت الشبكة من استقطاع المحافظ إلى صفها. 

وأكدت مصادر في اللجنة: أن المحافظ طلب ضرورة إدراج هذه النقطة في توصيات اللجنة، رغم أن تقرير اللجنة أكد ما ورد في تقارير وكيلة شؤون الصحة، ما يؤكد أن التقارير كانت مهنية، إلا أن المحافظ يريد أن يؤكد تقرير اللجنة، تصنيفه لتقارير وكيلة المحافظة على أنها نتيجة للخلاف القائم بين الوكيلة ومدير مكتب الصحة، وقالت المصادر في اللجنة: أن المعلومات والوثائق التي توصلت لها تؤكد أن مدير مكتب الصحة يرفض القرارات والتوجيهات الإدارية الصادرة من وكيلة شؤون الصحة ويعتبر هذا تمرداً إدارياً يعاقب عليه القانون، ورفض بعض أعضاء اللجنة تضمين ذلك في تقريرهم.

  • التوصية الخامسة: يلتزم مكتب الصحة بتمكين ممثل المالية من الإشراف على كآفة العمليات المالية في أنشطة المنظمات وبالتنسيق مع مكتب التخطيط. 

يؤكد هذا البند من توصيات اللجنة أن مدير مكتب الصحة كان يرفض تمكين ممثل المالية من عملية الأشراف على العمليات المالية الخاصة بأنشطة المنظمات.

وقالت مصادر في مكتب المالية، أن ممثل مكتب المالية في مكتب الصحة كان يقوم بعمليات الرقابة المالية على مشاريع المنظمات، من خلال التوقيع على شيكات الصرف.

وأضافت المصادر: في عهد الدكتور أمين محمود محافظ تعز السابق طلبت منظمة اليونيسف والمنظمات الدولية فتح حساب خاص بمكتب الصحة لدى إحدى البنوك الأهلية، وتم مناقشة هذا الطلب من قبل المحافظ وبالنهاية قرر فتح الحساب كونه يخدم مصلحة قطاع الصحة، وكان الحساب يخضع لتوقيع ممثل مكتب المالية في مكتب الصحة في عهد إدارة الدكتور عبدالرحيم السامعي مدير الصحة السابق، وقبلت بذلك كل المنظمات الدولية، وبذلك كانت تخضع كل النفقات للرقابة المالية، أستمر الوضع إلى أن تم تعيين راجح المليكي مديراً لمكتب الصحة في أبريل/نيسان 2020، بدأ مكتب المالية يكتشف وجود تلاعب وفساد في الجانب المالي في مشاريع المنظمات وأن ممثل المالية حينها عبدالدائم عبدالغني المحمود ضليع بهذا التلاعب، فقرر مدير عام مكتب المالية إحالة المحمودي للتحقق معه، وتم تغيره وتعيين كامل حسان بديلاً عنه وعندما بدأ حسان ممارسة عمله رفض مدير مكتب الصحة السماح له بالتوقيع على الشيكات، واستمر جدل بين مكتب المالية ومدير مكتب الصحة لمدة ثلاثة أشهر، ويبرر مكتب الصحة أن المنظمات الدولية هي من ترفض توقيع ممثل المالية على الشيكات الصرف من حساب مكتب الصحة المخصصة للمنظمات، وهو مبرر كاذب بدليل أن ممثل المالية السابق كان يوقع على الشيكات والمنظمات موافقة، وعندما تم تغيير ممثل للمالية يتمتع بالنزاهة رفض مكتب الصحة بحجة أن المنظمات اعترضت على ذلك.

وبحسب وثيقة صادرة من إدارة الشؤون المالية في مكتب الصحة في 17 يناير/كانون الثاني  2021، موقعة من مدير الحسابات ومدير المالية، وموسومة بـ “تعقيب أول”، وموجهة إلى مدير مكتب الصحة، وجاءت الوثيقة بعد عدة مذكرات مرسلة من الشؤون المالية إلى مدير مكتب الصحة، تطالب بضرورة موافاة مدير مكتب الصحة الشؤون المالية بالعقود والاتفاقيات المبرمة مع المنظمات الدولية والمحلية، من بداية العام 2021، مرفقة بكشوفات المستفيدين من البرامج والأنشطة عبر المنظمات وذلك لإستكمال إجراءات القيد والإثبات للدعم المقدم من المنظمات بالدفاتر المحاسبية وفقاً للقانون واللوائح المنظمة لذلك.

وبحسب المعلومات الواردة من إدارة الشؤون المالية أن مدير مكتب الصحة يرفض أية رقابة على برامج ومشاريع المنظمات وهذا الأمر أدى إلى رفض مدير مكتب الصحة بتمكين ممثل المالية من الإشراف على كافة العمليات المالية في أنشطة المنظمات.

  • التوصية الأخيرة: إعادة تفعيل أو تشكيل المجلس الصحي الأعلى في المحافظة وفقاً للنظام

ثانياً، نتائج تقييم اللجنة للجانب المالي

  • جاء في تقرير لجنة تقييم مكتب الصحة أنها قامت بعقد عدة جلسات مع المدير المالي السابق في مكتب الصحة عبدالدائم عبدالغني المحمودي والذي تم تغيره واحالته للتحقق عندما اكتشف مكتب المالية وجود فساد يمارس في مكتب الصحة في الجانب المالي، في ظل إخفاء مكتب الصحة لكافة الوثائق المؤيدة للعمليات المالية، كما أكدت مصادرنا في مكتب المالية.
    وطلبت اللجنة من المحمودي تقديم تقرير تفصيلي عن الدعم العيني والنقدي المقدم من مختلف الجهات للأعوام 2019/ 2020المخصص لمواجهة الـأوبئة والأمراض المنتشرة في المحافظة، وحصلت اللجنة على (مجرد) كشف يوضح الدعم المقدم من السلطة المحلية وزارة الصحة والمنظمات المخصص لمواجهة الأوبئة والأمراض المنتشرة خلال عامي 2019|2020إجمالي مليار 494مليوناً، و 536ريالاً يمني.
    فساد مرعب: قامت اللجنة بعملية الفحص والتدقيق والمراجعة لمصير هذه الأموال، لكن ما توصلت له كان فساد مرعباً لن يسبق أن حصل في أي مرفق حكومي، حيث وجدت اللجنة:
  •  عدم وجود أي دروة مستندية ولا سجلات ولا دفاتر (محاسبية، مالية، مخزنية) لمراقبة وإثبات جميع أوجه صرف الدعم المقدم من جميع الجهات المانحة وفقاً للنص المادة رقم (6) من الدليل المحاسبي الحكومي للعام 2008، وكذلك نصوص وأحكام القانون المالي رقم (8) للعام 1990، ولائحته التنفيذية.
  •  عدم وجود أية وثائق تؤكد الإستحقاقات المالية وقانونية عملية الصرف، باستثناء كشوفات تتضمن بيانات دون وجود مؤيدات.
  • عدم وجود موازنات معتمدة من المستوى المختص فضلاً عن عدم وجود أي تقارير إنجاز للمهمات والمشاريع والبرامج توضح مستوى التنفيذ الأمر الذي يجعل كآفة عمليات الصرف غير قانونية.

يثبت التقرير أيضا:

  • عدم وجود أية رقابة أو إشراف على ما تقدمه الجهات من دعم عيني وعدم إثباته في الدفاتر والسجلات الرسمية وإضافته إلى سجلات العُهد الشخصية، فضلاً عن عدم توريد أي دعم عيني إلى مخازن الصحة قبل توزيعه على المنشآت الصحية وقيده كعُهدة على تلك المنشآت وذلك يخالف قانون المناقصات رقم (23) لسنة2007 .

وحصل فريق مؤسسة فري ميديا على وثائق تؤكد أن مدير مكتب الصحة قام بتخزين كميات من الأدوية منها 4500قربة ألبومين في غير المخازن الرسمية الخاضعة لرقابة مدير التموين الطبي سلطان محمد الجعفري، والأخير قدم استقالته بعد فشل عدة محاولات قام بها مع إدارة مكتب الصحة لتوريد الأدوية إلى المخازن الرسمية التابع لمكتب الصحة وتقديم تقرير تفصيلي يوضح مصير هذه الكميات، وقالت مصادر في مكتب الصحة وفي مكتب المالية، (طلبت عدم نشر هويتها)، وعدد من الوثائق التي نحتفظ بها، (لأنها مرتبطة بالوحدات العسكرية)، أن مخازن الصحة تحتوي على أدوية ومستلزمات طبية تصل إلى 500 مليون ريالاً يمنياً، وبمجرد إستلام المدير الجديد قام بتصريف هذه المخازن بتوزيعها على قيادات عسكرية، وعلى المستشفيات دون وجود نظام دقيق ومحكم لمراقبة إخراج الأصناف من المخازن ودون الرجوع إلى مدير التموين الطبي لإعتماد الصرف وإستفاء كآفة الإجراءات والتوقيع على إستمارة الصرف المخزني (نموذج 43).
وتؤكد المعلومات التي حصلنا عليها من مصادر في قطاع الصحة وفي مكتب المالية، أن مدير الصحة قام بتزويد المستشفيات بكميات من الأدوية وإحتساب تلك الأدوية بمبالغ مالية على أنه قام بشرائها لمواجهة كورونا.
وتضمن التقرير أيضاً:

  • عدم وجود رقابة وإشراف على المشاريع والأنشطة التي تنفذه المنظمات في فروع مكتب الصحة بالمديريات.
  •  وجود صرف عبثي وعشوائي ودون وجه حق، ووجود هدر للأموال، وأن جميع عمليات الصرف كان الهدف منها إستنزاف لمبالغ الدعم بحجة أن ذلك يتم وفق الموازنة المعدة للبرامج أو بتنفيذ خطة دون مراعاة واقعية تلك الموازنة، على سبيل المثال، برنامج التدريب لمديريات الساحل الغربي للمحافظة والذي تم تنفيذه بمبلغ يصل إلى 106 مليون ريالاً، أيضا ما تم صرفه مقابل الحملة الثانية لشلل الأطفال للعام 2020 من مبالغ تصل إلى 112مليون ريالاً، وتم الصرف دون وجود برنامج محدد الأهداف وواقعي يمكن الرقابة عليه والتقييم، وفقاً لتقرير اللجنة.
  • خصص مكتب الصحة مبلغ خمسة ملايين مقابل إعداد الخطط ولا يوجد أية خطط على الواقع.

وبحسب لجنة التقييم وكذلك عريضة موقعة من 23 موظفاً في مكتب الصحة، أن مدير مكتب الصحة يتعامل مع عدد محدد من موظفي المكتب ويتكرر أسماء هؤلاء الموظفين في كافة البرامج والمشاريع، ويتقاسمون مع مدير مكتب الصحة مستحقات مالية يحصلون عليه من المنظمات الدولية نظير القيام بعملية الإشراف على البرامج والمشاريع.

وقالت اللجنة إنها قامت بتوجيه مذكرة إلى مدير مكتب الصحة بخصوص توفير وثائق وتقارير الصرف لمبالغ المقدمة من جميع الجهات لمكتب الصحة، لكن مدير مكتب الصحة رفض موافاة اللجنة بما تم طلبه من إنجاز عملية التقييم.

جائحة الفساد وجائحة كورونا”

وقفت اللجنة في تقريرها عند الأموال المخصصة لمواجهة جائحة فيروس كورونا والأوبئة المنتشرة في المحافظة والمفاجأة أنها وجدت أن جائحة الفساد أشد فتكاً من الوباء نفسه، حيث ذكرت في تقريرها:

  • قدمت الحكومة اليمنية لمكتب الصحة مبلغ 220 مليوناً لمواجهة كورونا، منها 20  مليوناً في عهد مدير مكتب الصحة السابق إلى حساب مكتب الصحة في البنك المركزي، فيما صرفت وزارة الصحة 200 مليوناً إلى الحساب الشخصي لمدير الصحة راجح المليكي في مصرف الكريمي، و15مليون مقدمة من السلطة المحلية و5 ملايين مقدمه من بنك الكريمي.

وأشار تقرير اللجنة إلى:

  • أن مدير الشؤون المالية في مكتب الصحة السابق قدم كشوفات تحتوي على هذه المبالغ، دون وجود أية وثائق ومستندات تؤيد قانونية وصحة صرف هذه المبالغ، فضلاً عن أن البيانات الواردة في كشوفات مكتب الصحة تشير في معظمها أن الصرف تم لأغراض أخرى لا تخص كورونا وفقاً لتقرير اللجنة.

كما ذكر التقرير:

  • وجود تكرار لعملية الصرف للبند الواحد عدة مرات وبمسميات مختلفة، ودون تحديد تاريخ وفترة الإستحقاق، على سبيل المثال صرف  6ملايين و 258ألف ريالاً مقابل تغذية للمختبر المركزي في تعز، تحت مسمى “وحدة الـ pcr” وفي نفس الوقت تحت مسمى “تغذية المختبر المركزي” وبنفس المبلغ.
  •  صرف مبلغ 7 مليون 264  ألف ريالاً مقابل تغذية لمركز العزل في المستشفى الجمهوري لثلاث أيام من 22 إلى 25أغسطس/آب2020، وبنفس الوقت صرف مبلغ 6 مليون و258 ريالاً مقابل تغذية عن شهري أغسطس/آب ويوليو/تموز2020.

ومن غير الواقعي أن قيمة التغذية لمدة ثلاثة أيام أكبر من قيمة التغذية لمدة شهرين.

وذكر مكتب الصحة في كشوفاته المقدمة للجنة المكلفة بعملية التقييم صرف مبلغ 30 مليون  415ألف ريالاً مقابل تغذية لمراكز العزل، وعندما قمنا بالتحقق من ذلك أتضح من تقرير اللجنة عدم وجود أي قيد أو وثائق تثبت عملية الصرف، كما أكد تقرير اللجنة والتقرير الفني المقدم لمحافظ المحافظة من وكيلة شؤون الصحة في تعز، أن التغذية يتم تغطيتها من منظمة الصحة العالمية ومجموعة شركات هائل سعيد أنعم وفاعلي خير.

مكتب الصحة يخفي الوثائق.. كيف؟

ذكر تقرير اللجنة الرباعية المكلفة بتقييم مكتب الصحة، أن المدير السابق للشؤون المالية في مكتب الصحة عبدالدائم عبدالغني المحمودي أفاد عدم وجود الوثائق المستندات الكاملة المؤيدة لصرف المبالغ المخصصة لمواجهة كورونا خلال الجائحة الأولى في 2020 والأوبئة في المحافظة خلال عامي 2019|2020 والبالغة نحو مليارو 494 مليون ريالاً، في حين أنه يجب أن يكون لديه نسخة من هذه الوثائق باعتباره مدير الشؤون المالية في مكتب الصحة، لكن وفقاً للتقرير يبرر المحمودي أن الوثائق منها ما تم تسليمها إلى وزارة الصحة وبعضها مازالت بحوزة منسقي البرامج والمشاريع، وجزء منها تم تسليمها للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة؛ لكن هذا التبرير لا يقبله العقل ولا القانون كيف لا يوجد نسخة من الوثائق في أرشيف مكتب الصحة حتى وأن تم تسليمها إلى أية جهة أخرى، كما أن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بحسب تقريره الصادر  26 أبريل/نيسان 2021 (سيتم نشره في تقاريرنا القادمة)، قال إنه: ” يتحفظ عن إبداء الرأي عن المنح والمساعدات النقدية والعينية المقدمة لمكتب الصحة لعدم وجود بيانات تفصيلية توضح مصدر المساعدة وقيمتها بالنقد الأجنبي وما يعادلها بالعملة المحلية وكمية المساعدات العينية وأصنافها والمخازن المودعة بها وكيف تم التصرف بها تنفيذاً وفقاً لأحكام اللائحة المالية للسلطة المحلية الصادرة بالقرار الجمهوري رقم (24) لسنة 2001″.

وقالت اللجنة إن الكشوفات المقدمة من مكتب الصحة لا تمثل مقدار المبالغ المذكورة في تقارير مكتب الصحة والبالغة مليار و494 مليون ريالاً وهناك نحو 152  مليون 164 ألف ريالاً مفقودة تماماً لم تتضمنها كشوفات مكتبة الصحة المقدمة للجنة. 

وأكدت اللجنة التي قامت بعملية فحص ومراجعة كآفة الكشوفات المقدمة لها من مكتب الصحة:

  • أن ما قدمه مكتب الصحة عبارة عن كشوفات وهي غير صحيحة إجمالا.
  • عدم وجود وثائق توضح كيف تم التصرف بهذه الأموال، وصرف هذه المبالغ تمت دون وجود خطة محددة الأهداف، ودون وجود موازنات محددة، ودون وجود فواتير وإجراءات الشراء والصرف، فضلاً عن عدم وجود تقارير الإنجازات وغيرها من الوثائق المؤكدة لصحة وقانونية صرف تلك المبالغ. 

تهرُّب

في حين أن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، كما ذكرنا سابقًا، لم يتمكن من مراجعة وفحص الأموال والمساعدات العينية والنقدية المقدمة لمكتب الصحة، فإن اللجنة المسؤولة عن عملية تقييم وضع مكتب الصحة غير قادرة على القيام بذلك أيضاً، وقالت إن: مكتب الصحة يتهرب من تقديم البيانات التي توضح الدعم العيني المقدم من المنظمات، وما تم تقديمه عبارة عن كشف مكون من صفحتين يتضمن 27 عملية للفترة من يونيو/حزيران حتى ديسمبر/كانون الثاني من العام 2020، ولم يتضمن الكشف المبالغ الواردة في بعض العمليات وبرر مكتب الصحة لذلك بأنه ليس لديهم علم بأنه يجب قيد وتسعير الدعم العيني.
وما يتعلق بالدعم المقدم خلال العام 2020 والنصف الأول من العام 2020، قدم مكتب الصحة نسخ من إستمارات لا يوجد عليها أي توقيعات أو أسماء بما يفيد إعتمادها رسمياً كوثيقة، ولم توضح الإستمارات الدعم المقدم لمكتب الصحة ولا تحديد مقدار الدعم.

مشتريات وهمية

قامت اللجنة الفنية بالنزول الميداني إلى المستشفى الجمهوري والمختبر المركزي وهيئة مستشفى الثورة في تعز، كما كلفت مدير المالية في مديرية الشمايتين للنزول إلى مستشفى خليفة في مدينة التربة جنوبي محافظة تعز، بهدف التدقيق والتحقق من صحة الدعم المقدم من مكتب الصحة لهذه الجهات؛ وكشفت اللجنة عن وجود مشتريات وهمية لأجهزة ومستلزمات الطبية، على سبيل المثال:

  •  جهاز غاز الدم الذي زعم مكتب الصحة أنه قدمه لمستشفى خليفة في التربة وقيمته 10ملايين و800 ألف ريالاً، حيث قامت اللجنة من التحقق من هذه الجهاز وأتضح لها عدم وجود الجهاز في مستشفى خليفة وعدم وجود وثائق توريد مخزني تؤكد قيام مكتب الصحة بتسليم الجهاز للمستشفى وفق الإجراءات القانونية. 

وفي إفادته للجنة قال مدير المالية السابق في مكتب الصحة عبدالدائم المحمودي: 

  • أن الجهاز تم شراءه مباشرة من قبل مستشفى خليفة وقام مدير عام مكتب الصحة بدفع المبلغ للمستشفى دون علم مدير المالية في مكتب الصحة وكذلك دون علم مدير المالية ومدير المشتريات في مستشفى خليفة العام. 

في السياق أفاد مدير عام مستشفى خليفة عبدالرحمن الصبري وهو عضو لجنة تقييم مكتب الصحة:

  •  أن الجهاز تم إخراجه من المستشفى للصيانة وعندما طلبت منه اللجنة تزويدها بمعلومات المهندس الذي تم نقل الجهاز إليه للصيانة صمت ولم يجد ما يقوله، والمتعارف عليه في الوسط الطبي أن عملية الصيانة تتم داخل المرفق وليس خارجه فضلاً عن عدم وجود أية وثائق تؤكد أن الجهاز خرج رسمياً من المستشفى، هذه الواقعة تثبت قيام مدير مكتب الصحة ومدير مستشفى خليفة بإختلاس أموال مخصصة للمصلحة العامة ولمواجهة أخطر وباء يهدد العالم. 

وفي عملية صرف وهمية أخرى زعم مكتب الصحة:

  • أنه قدم مستلزمات بقيمة 5  ملايين و 135ألف ريالاً للكلية الصناعية في مستشفى الثورة لمواجهة كورونا، فيما تؤكد وثائق رقم (222/20) صادرة بتاريخ 27أغسطس/آب2020 عن رئيس هيئة مستشفى الثورة في تعز، أن ما قدمه مكتب الصحة للهيئة لمواجهة كورونا عبارة عن 300 كمامة محلي الصنع، و200 زوج من القفازات، و6 عبوات سعة 135 مليجرام معقمات، 120 لتر إسبرت، فيما أفاد رئيس قسم الكلية الصناعية عدم تقدم مكتب الصحة للقسم أي دعم لمواجهة كورونا. 

وفي حالة ثالثة، تحتوي كشوفات مكتب الصحة على:

  •  صرف مبلغ 2 مليون و200 ألف ريالاً قيمة كمية  5000 لتراً ديزل لتشغيل مولدات المستشفى الجمهوري، ومن خلال الإستيضاح من مسؤول الديزل في المستشفى أكد عدم توريد الكمية للمستشفى.

وتضمنت كشوفات مكتب الصحة أيضاً: 

– صرف مبلغ 218 مليون و605 ألفاً مقابل نفقات متنوعة والتي كشف تقرير اللجنة عدم وجود أية وثائق تؤكد عملية صرف تلك المبالغ.  

معدات وهمية في مركز العزل

وفقاً لتقرير اللجنة، من ضمن المعدات والأجهزة الوهمية تلك المعدات والأجهزة الواردة في محضر جرد مكتب الصحة لمركز العزل الذي تم تحريره عند تسليم المركز لإدارة المستشفى الجمهوري، حيث تضمن محضر الجرد على عدد من الأصناف والأجهزة المزعوم توفرها في مركز العزل، وفي الواقع تؤكد لجنة تقييم مكتب الصحة عدم وجود تلك الأجهزة والمعدات الواردة في محضر الجرد ولا وجود للبيانات التي تبيّن جهة التوريد. 

وقالت اللجنة الفنية المكلفة بعملية تقييم وضع مكتب الصحة: 

“نؤكد وجود عبث وهدر للمال العام وعدم قيد الأصول التي تم شرائها من أجهزة ومعدات بمبالغ الدعم المخصص لمواجهة كورونا “.

وأشار التقرير إلى إنتهاك مسؤولي مكتب الصحة ومنسقي البرامج والمشاريع ومدير الشؤون المالية في مكتب الصحة للإجراءات الإدارية والمالية المحددة باللوائح والقوانين النافذة.

وسلمت اللجنة الرباعية تقريرها لمحافظ المحافظة في نهاية أبريل/نيسان2021، وهنا انتهى دورها ليبدأ دور السلطة المحلية والجهات القضائية في تحقيق المساءلة والمحاسبة للمتورطين بالفساد، وذلك في حال ما كانت السلطة المحلية والجهات المختصة بالفعل لديه إرادة في مكافحة الفساد؛ لكن أفاد محافظ المحافظة نبيل شمسان في رسالة عبر الواتساب لـ “فري ميديا” أنه أحال التقرير للجنة لتنفيذ التوصيات. ولأن التوصيات تم صياغتها بما يضمن عدم محاسبة الفاسدين على جرائم وردت في التقرير بينها إختلاس أموال عامة.

انقر هنا للوصول إلى وثيقة التقرير الكامل

التقرير القادم | قصة إختلاس مدير الصحة الحالي في تعز (قبل تعيينه) ملايين الريالات كانت مخصصة للمستشفى الجمهوري مستخدماً التزوير

معلومات الكاتب

وجدي السالمي

وجدي السالمي

ألفت يوسف

ألفت يوسف

بحث ميداني وتدقيق معلومات

حمزة الجبيحي

حمزة الجبيحي

بحث ميداني وتدقيق معلومات

صلاح طاهر

صلاح طاهر

بحث ميداني وتدقيق معلومات

شارك