اختطاف الأطفال في صنعاء.. جرائم مجهولة في سجلات الشرطة

سياق التقرير

بعد تعدد حالات اختفاء الأطفال، الذي يكاد أن يكون ظاهرة، بات الآباء والأمهات، في العاصمة صنعاء شمالي اليمن؛ يخشون على أطفالهم من ملاقاة مصير اطفال آخرين، اختفوا فجأة في ظروف غامضة.
اعتاد الطفل لؤي سميح الحاج (14 عاما)، على مغادرة منزل والدته في حي مذبح (شمال غرب العاصمة صنعاء)، كل صباح ليعود في المساء، غير أنه في مساء 18ديسمبر/ كانون الأول2019، لم يعد، بدأت الأم رحلة البحث عن فلذة كبدها من لحظة شعورها بأن مكروها قد حدث له، بداية البحث كانت من خلال التواصل مع أقاربها، في صنعاء، وأقارب لؤي في مدينه تعز (جنوبي البلاد)، لكن كانت الإجابات صادمة، لا معلومات عنه لدى أقاربه.
استمرت والدة الطفل في عملية البحث، وطرقت كافة الأبواب لمعرفة مصيره، تقول أم لؤي ” ابحث عن ابني الذي لم يسبق له أن تخلف عن العودة إلى المنزل دون أن يبلغني”، المرأة بدت مصدومة وفي حالة نفسية غير مستقرة، فأبلغت الشرطة على أمل العثور على ولدها، لكن دون نتيجة.
وبعد 72ساعة من اختفاء لؤي، قال والده الذي يعيش في تعز، في منشور على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، إن ابنه خرج من منزل والدته التي تعيش في صنعاء ولم يعد.

اختطاف لؤي سميح البالغ من العمر 14عاما، وغدير محمد غانم العصري (13عاما)، والعثور على، محمد الرحامي (8سنوات)، في كيس داخل مقلب للقمامة، اختفاء عزالدين العزي (12 عاما)

قضت أسرة الطفل، ليالي أرقة في انتظار عودة الغائب، وتقدمت الأم بعدد من البلاغات إلى الجهات الأمنية في صنعاء، اتهمت فيها عاقل الحي (العمدة)، بالوقوف وراء اختفائه، لكنه نفى التهمة، ووعد بمساعدة الأسرة في البحث عن الطفل، وبعد مرور أسبوع على اختفاء لؤي، ظهر فجأة كما غاب فجأة، وقدم مع عدد من شبان الحي.
قالت مصادر، لـ “IMF”، إنه قد تم استدراج لؤي، ليلتحق بأحد المعسكرات التابعة للحوثيين، في العاصمة صنعاء.
حالة اختفاء لؤي، لست هي الأولى، فخلال العامين المنصرمين، وقع العديد من الأطفال والفتية ضحايا لإغواء عناصر من الحوثيين، استدرجتهم إلى معسكرات تدريب، بهدف ضمهم للقتال في صفوف القوات التابعة لجماعة أنصارالله، (الحوثيون).
تتعدد أسباب اختفاء الأطفال في صنعاء، منها سياسية، بهدف الضغط على أسر المختطفين، ومنها أسباب مادية، لابتزاز أسر الأطفال، للحصول منهم على مقابل مادي (فدية)، لتسليمهم ابناءهم، كما أن هناك عصابات منظمة للمتاجرة بالأعضاء، وأخرى لتهريب الأطفال إلى خارج اليمن، لإجبارهم على ممارسة التسول، وأحيانا أعمال منافية للأخلاق.
وفي حالات نادرة يساعد تفاعل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، في العثور على الاطفال المختطفين وعودتهم إلى عائلاتهم، إذ ساعد تفاعل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، من جميع أنحاء اليمن، في ظهور الطفلة سمية عبدالمحسن الأسلمي، التي عادت إلى منزلها بعد أسبوع من اختطافها في6 ديسمبر/كانون اول 2019، من قبل عصابة من النساء، اثناء خروجها من منزلها، في شارع 20، وسط مدينة صنعاء.
ورفضت أسرة سمية الحديث عن تفاصيل اختطافها، بتوجيهات من الأجهزة الأمنية التابعة لجماعة أنصارالله (الحوثيون)، بعدم التصريح بأية تفاصيل عن ملابسات اختفائها، حتى يتم استكمال التحقيقات والتحريات والقبض على الجناة.
وتستنزف عملية البحث، الموارد المالية لعائلات الأطفال المختطفين، فوالد سمية دفع نحو 250 ألف ريال (400دولار)، لجهة أمنية، ساعدت في العثور على ابنته.

سمية عبدالمحسن الأسلمي
سمية عبدالمحسن الأسلمي

ودعا مصدر أمني، في صنعاء، في تصريخ، لـ “IMF”، منظمات المجتمع المدني، ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، العمل على توعية المجتمع، في توخي الحذر وإبلاغ الجهات الأمنية حال اختفاء أي من الأطفال، وشدد على جميع أصحاب المحلات التجارية نصب كاميرات مراقبة، لما لها من دور إيجابي في الكشف عن المجرمين، كما حدث في حالة اختطاف الطفلة سمية.
وتتضارب تقديرات الراصدين الحقوقيين حول حالات اختطاف الأطفال، في ظل عدم وجود احصائيات رسمية تشير إلى عدد الأطفال المفقودين والمختطفين في اليمن.
وذكرت منظمة “رايتس رادار لحقوق الإنسان” التي تعمل من العاصمة الهولندية أمستردام، في بيان نقلاً عن شهود عيان أن: “أكثر من 35 فتاة وطالبة تم اختطافهن من أماكن للدراسة، ومن شوارع في العاصمة صنعاء خلال الفترة القصيرة الماضية”، ولم تذكر المنظمة أية تفاصيل اخرى.
وقالت مصادر حقوقية، لـ “IMF”، إن 12 حالة اختطاف تعرض لها أطفال من الذكور والاناث، في محافظتي صنعاء وذمار، الواقعتين تحت سيطرة الحوثيين (شمالي البلاد)، وأعلن عنها في مواقع التواصل الاجتماعي خلال الشهرين الأخيرين من العام 2019، أبرزها قضية الطفلة غدير محمد علي غانم العصري (13عاما)، التي اختفت في السادس من مارس/ أذار 2019، عقب خروجها من مدرستها في منطقة عصر غربي العاصمة صنعاء، وعادت بعد شهر ونصف من تاريخ اختفائها، بعد أن تمكنت من الفرار، بمساعدة إحدى القائمات على احتجازها في إحدى المباني الواقعة في منطقة خارج صنعاء، بحسب رواية أحد أقاربها، وسُجلت الجريمة ضد مجهول في سجلات الشرطة، وفي يوليو/تموز 2019، تداول نشطاء قضية اختفاء الطفل عزالدين العزي (12 عاماً) في ظروف غامضة في العاصمة صنعاء، والذي اُعلن فيما بعد، عن عودته، دون معرفة ملابسة اختفائه، والجهة التي تقف وراء الجريمة.

جثة في كيس القمامة

أصعب شيء، يمكن أن يفعله أي شخص على الإطلاق هو البحث عن شخص عزيز مفقود، والصدمة عندما تعثر عليه جثة هامدة، في ظروف غامضة، كحال أسرة الطفل محمد الرحامي (8 سنوات)، التي تعيش صدمة نفسية، منذ أن عثرت عليه في 23 مايو/أيار2019، بعد يومين من اختطافه؛ جثة هامدة داخل كيس في مقلب للقمامة جوار مسجد السماوي في حي الوحدة في منطقة حزيز جنوب العاصمة صنعاء.
ولاتزال قضيته تحت نظر الجهات القضائية في صنعاء، وفقا لمصادر مقربة من أسرته.
وقال فهد أحمد الرحامي، إن خمسة أشخاص، هم المشتبه بهم الرئيسيون في اختطاف وقتل محمد، إلا أن النيابة أفرجت عن أربعة منهم بالضمان، وقدمت شخصاً واحداً فقط للمحاكمة، أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، ولم تُعقد جلسات المحاكمة حتى الآن، وجثة محمد مازالت في ثلاجة الموتى في إحدى مستشفيات صنعاء.
تزايد حالات اختطاف الأطفال في صنعاء خلال العام 2019، الذي يبدو أنه عمل تقف خلفه عصابات منظمة، أثار حالة قلق أوساط سكان صنعاء، وأطلق العشرات من النشطاء في صنعاء حملة إلكترونية في 18 ديسمبر / كانون اول 2019، تحت وسومات متعددة، “#عودة_محمد_آدم”، “#اليمن ـ والاختطافات”، “#اعيدوا_ابنتي”، “#kidanppinginYemen”، تضامنا مع أسر المخطوفين، ومطالبين الجهات الأمنية، سرعة ضبط المتورطين في جرائم اختطاف الأطفال.

شارك