| فري ميديا، 09 سبتمبر 2023
بمناسبة اليوم العالمي لحماية التعليم من الهجمات، تحالف ميثاق العدالة لليمن المكون من 10 منظمات تعمل في مجال حقوق الإنسان، يصدر بياناً يطالب بسرعة تحقيق المطالب العادلة وحقوق المعلمين في اليمن.
طالب تحالف ميثاق العدالة لليمن جماعة أنصار الله (الحوثيين) بالاستجابة الفورية لمطالب المعلمين اليمنيين بتسليم رواتبهم في مناطق سيطرتها، والكف عن ترهيبهم، والإفراج عن المعتقلين على ذمة الإضراب. ويدعو تحالف ميثاق العدالة إلى الإسراع بحل مشكلة رواتب الموظفين اليمنيين المطروحة على جدول مباحثات السلام بين أطراف النزاع كافة في اليمن، وعدم اقتصار المحادثات على المشكلة في مناطق سيطرة أنصار الله وحسب.
أوضاع متردية
دفع تردي الأوضاع الإنسانية وتزايد نسب الجوع بين المعلمين اليمنيين مع انقطاع شبه كامل لمرتباتهم منذ ثمان سنوات، نادي المعلمين اليمنيين في مناطق سيطرة أنصار الله إلى إعلان الإضراب الشامل في بيان صدر عنه بتاريخ 20 يوليو/تموز 2023، ودعا المعلمين للانخراط فيه.
وقال “نادي المعلمين اليمنيين” في بيانه وهو تكتل نقابي قيد التأسيس “لقد تجاهلت حكومة صنعاء بكل أسف معاناة التربويين والتربويات في الوقت الذي تصرف مبالغاً مهولة للمجلس السياسي والوزراء والنواب والشورى… الخ من تصرف لهم شهرياً، واعتبر النادي أن الاضراب حق شرعي وقانوني للراتب المنقطع منذ ثمان سنوات ودعا سلطة أنصار الله إلى صرف الرواتب شهرياً من بداية شهر يوليو/تموز وصرف الرواتب المتأخرة عن طريق جدولتها”.
رواتب مقطوعة منذ 8 أعوام
منذ أكتوبر/تشرين الأول 2016 يعاني المعلمين اليمنيين في مناطق سيطرة أنصار الله أزمة الجوع وانقطاع الرواتب، بعد قرار اتخذه الرئيس السابق عبدربه منصور هادي بنقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن في سبتمبر/ أيلول 2016، فتوقفت الجماعة عن تسليمها بصورة شهرية، وبدلاً منها تصرف نصف راتب في المناسبات الدينية.
تواجه جماعة أنصار الله مطالب المعلمين بالترهيب وحملات الاعتقال، حيث اعتقلت الأستاذ محسن الدار أمين عام نادي المعلمين يوم السبت 5 أغسطس/آب 2023 ولا يُعرف مصيره حتى اللحظة. وصف مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي للجماعة في خطاب تلفزيوني المطالبين بالرواتب بـ “الحمقى” لأنهم يقدمون خدمة للعدو “حسب وصفه” حين يطالبون سلطته بتسليم الرواتب، وبرغم إقراره بمسؤولية جماعته بتسليم الرواتب لكنه قال إن الإمكانيات المالية لدى العدو.
“خطة الطوارئ”
وانتهجت الجماعة سياسة تعليمية تقشفية أسمتها “خطة الطوارئ” لتقليص الأيام التعليمية إلى يوم أو يومين كحد أقصى في الأسبوع الواحد وكذا الاستعانة بمتطوعين. يعتقد “ميثاق العدالة” أن هذا الإجراء ينعكس على العملية التعليمية في زيادة هشاشتها ورداءة المخرج التعليمي لدى الطلاب.
الإضراب يصدم الحوثيين
تواصل تحالف “ميثاق العدالة” مع نادي المعلمين وجمع شهادات من معلمين في صنعاء، قال قيادي في نادي المعلمين “شكّل تجاوب المعلمين مع الدعوة للإضراب صدمة لوزارة التربية والتعليم ما دفعها لاعتماد الخدعة السنوية التي تسميها حافز، وبهدف كسره قامت بصرفه للمعلمين خلال يومين من إعلان الإضراب، وأضاف لجأت حكومة صنعاء للتهديد والوعيد فتم اعتقال عدد من المعلمين وطلبتْ منهم تعهدات بعدم الاضراب لكي تطلق سراحهم، كما تطور الأمر لاستدعاء قيادة نادي المعلمين للتحقيق معهم في مكتب التربية والمناطق التعليمية التي يتبعونها، إضافة إلى حجب صفحة نادي المعلمين عن متابعيها في الفيسبوك”
وبحسب شهادة أحد المعلمين فإن “آخر نصف راتب استلمناه كان قبيل عيد الأضحى هذا العام وهو مقابل نصف شهر أغسطس/آب 2018، وأضاف لا نستطيع الإضراب أو التفاعل الإعلامي معه، إذ يتم التعامل مع المعلمين كخلايا نائمة ومتآمرة مع (العدوان) ويتم تحذير عقال الأحياء والمشرفين والمشائخ واللجان المجتمعية والامنيين باليقظة والتحري والمتابعة لأي معلم يتجاوب مع هذه دعوات الإضراب. ويقول الشاهد حاول الكثير من المعلمين خلال السنوات الماضية النزوح إلى مناطق الحكومة الشرعية لكنهم لم يحصلوا على رواتبهم فعادوا مرة أخرى إلى صنعاء فتم التعامل معهم من سلطة صنعاء بقسوة حتى يكونوا عبرة لغيرهم”
في مؤتمر صحفي مشترك عقده وزير التربية والتعليم في حكومة الأمر الواقع بصنعاء مع مدير صندوق دعم المعلم ذكر الأخير أن الوزارة قامت بصرف حاف شهري قدره أربع مليارات و666 مليونا و950 ألف ريال بواقع 30 ألف ريال للمعلمين البالغ عددهم (154,699) معلم ومعلمة في مناطق سيطرة أنصار الله.
بحسب أحد المعلمين فإن عدد الأشهر التي استلم فيها المعلمين مرتباتهم من سلطة أنصار الله منذ سبتمبر/أيلول2016، هي أربعة عشر شهراً ونصف شهر. فيما بقي لديهم رواتب (67) شهر ونصف الشهر حتى نهاية أغسطس/آب 2023.
ذكر أحد المعلمين الموالين لسلطة الأمر الواقع أن “الرواتب يجب أن تُصرف من عائدات الغاز والبترول كما كانت قبل العدوان، ونبَّه إلى أن البلبلة ونشر الفتن ستتكفل دماء الشهداء وصبر ذويهم بجرفها وجرف كل من يستهدف الجبهة الداخلية”
قالت معلمة في صنعاء “تعتمد سلطة صنعاء على كثير وسائل لهز ثقتنا وتحطيم معنوياتنا وجرنا إلى المربعات السياسية من أجل اسكاتنا، لكننا لن نسكت عن مطالبة حكومة بن حبتور برواتبنا حتى لا نعطي فرصة لأعداء المعلمين لتوجيه الاتهامات الباطلة. وأضافت إن لجوء الوزارة للمتطوعين بدلاً من المعلمين الحكوميين هو تجهيل للطلاب، فالمتطوعين لا يمتلكون مهارات وقدرات التدريس”
على الرغم مما ذكره القيادي في نادي المعلمين لـ “ميثاق العدالة” أن نسبة الاضراب وصلت 90% في المدينة و100% في الريف، غير أن شهادات متواترة من عدد من المعلمين والسكان أكدت أن الاستجابة للإضراب محدود ولا يتعدى بعض المدارس الكبرى في العاصمة صنعاء، ويعتقد تحالف ميثاق العدالة أن مرد ذلك للسطوة الأمنية التي تتعامل بها سلطة الأمر الواقع مع المعلمين ومطالبهم المدنية.
منذ قرابة شهرين أصدر نادي المعلمين (6) بيانات صحفية دعا فيها للاستجابة لمطالب المعلمين، ووجه رسالة إلى مجلس النواب الخاضع لسلطة أنصار الله طالبه فيها بمناقشة قضيتهم. وبعد نقاش داخلي أصدر المجلس بياناً طالب فيه المجتمع الدولي إلى “التعاطي الايجابي والاستجابة لمطالب وإرادة الشعب اليمني في ايقاف نهب ثرواته النفطية والغازية وتخصيص عائداتها لصالح صرف المرتبات لكافة موظفي الدولة ومنهم المعلمين والمعلمات والتربويين وأساتذة الجامعات”.
الحكومة الشرعية تعلق
علقت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً على تعامل جماعة أنصار الله مع مطالب المعلمين بأن الجماعة “تحاول تضليل الراي العام بمطالبة الحكومة بصرف الرواتب فيما هي تواصل نهب الخزينة العامة والاحتياطي النقدي ومئات المليارات من الإيرادات العامة وعوائد واردات المشتقات النفطية، وأضافت في بيان إن إجمالي الإيرادات التي نهبتها مليشيا الحوثي خلال الأعوام 2022-2023 من قطاعات الضرائب والجمارك والزكاة والاوقاف والنفط والغاز بلغت أربعة ترليون و620 مليار ريال”.
قضية الرواتب في مباحثات السلام
كانت قضية رواتب موظفي القطاع العام قد طُرحت في مباحثات السلام بين أطراف الصراع في اليمن، وذكر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ في إحاطة مقدمة إلى مجلس الأمن منتصف أغسطس الماضي أن مكتبه مستمر في بحث الخيارات مع طرفي النزاع حول الطرق الأمثل لتلبية حاجات جميع اليمنيين واليمنيات بما يتضمن انتظام سداد رواتب موظفي القطاع العام في جميع أنحاء البلاد. وأكد في إحاطته أن قضية سداد الرواتب، بما يشمل مسألة مصادر الإيرادات، قضية محورية تحتم على الطرفين إيجاد حل متفق عليه. فلا ينبغي النظر إلى الموارد الاقتصادية على أنَّها معادلة صفرية، بل لا بد للطرفين من التعاون بدلاً من التنافس في سبيل التوسع في الفرص الاقتصادية من أجل رفاه جميع اليمنيين.
يُمثل منع حصول الموظف على راتبه ومنع تمتعه بالعيش الكريم مع أسرته مخالفة للقوانين اليمنية وخرقاً للمواثيق الدولية التي وقعت عليها اليمن، حيث نصت المادة (7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على حق العامل في التمتع بشروط عمل عادلة وأجر منصف يضمن له العيش الكريم.
ويشكل تقييد العمل النقابي ومنع ممارسة الحق في الاضراب انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان حيث أكد العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في المادة الثامنة منه على عدم جواز إخضاع ممارسة هذا الحق لأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو النظام العام أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
تحالف ميثاق العدالة لليمن يطالب
يجدد تحالف ميثاق العدالة لليمن مطالبته لجماعة أنصار الله (الحوثيين) بالاستجابة السريعة لمطالب المعلمين اليمنيين في مناطق سيطرتها بصرف رواتبهم بانتظام وجدولة المتأخرة منها، والافراج الفوري عن المعلمين المعتقلين، والكف عن استخدام الوسائل الأمنية والترهيبية لمواجهة العمل المدني، وضمان تخصيص الموارد التي تتحصلها لتسليم رواتب المعلمين وتحسين العملية التعليمية في مناطق سيطرتها.
كما ندعو أطراف الصراع في اليمن إلى الحوار بحسن نية وبعيداً عن الحسابات السياسية، من أجل قضية الرواتب في كل المناطق اليمنية وإيجاد آلية سريعة لصرفها بانتظام لكافة موظفي القطاع العام، وضمان إيجاد الية شفافة لتحصيل الموارد الاقتصادية من كافة المناطق اليمنية وتوريدها إلى البنك المركزي وضمان تخصيصها لما يعود بالرفاه على جميع اليمنيين.
صادر عن تحالف ميثاق العدالة لليمن:
1. التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان
2. منظمة مساءلة
3. مؤسسة الامل الثقافية الاجتماعية النسوية
4. مؤسسة سد مأرب للتنمية الاجتماعية
5. مركز الإعلام الحر للصحافة الاستقصائية
6. مركز الدراسات الاستراتيجية لدعم المرأة والطفل
7. مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي
8. منظمة رصد حقوق الإنسان
9. منظمة رابطة أمهات المختطفين 10.منظمة سام للحقوق والحريات