هذه الصورة من تصميم سالم جميل، لصالح مركز فري ميديا لصحافة الاستقصائية هذه الصورة من تصميم سالم جميل، لصالح مركز فري ميديا لصحافة الاستقصائية

اليمن: الجرائم ضد الصحفيين لا يعاقب مرتكبيها

سياق التقرير

من الملاحظ أن أطراف النزاع في اليمن تختلف في كل شيء تقريبًا، لكنّها تتفق على إسكات صوت الصحافة ومنع الصحفيين من ممارسة عملهم بحرية، وبمناسبة اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين، أصدر مركز “فري ميديا للصحافة الاستقصائية”، و52 منظمة محلية وإقليمية، بيانًا مشتركًا، لتذكر، أن مهنة الصحافة باتت من أكثر المهن خطورة في اليمن، وتؤكد المنظمات الموقعة على هذا البيان أنّه خلال السنوات التسع الماضية، كان الصحافيون من أكثر الفئات استهدافًا من قبل جميع أطراف النزاع، إذ وقعوا ضحايا لجرائم وانتهاكات متنوعة، شملت التصفية الجسدية والاحتجاز التعسفي والتعذيب والمحاكمة الجائرة، وفي جميع الحالات يفلت الجناة من المساءلة والعقاب.

  • وشهدت حرية التعبير والحريات الصحافية في اليمن خلال التسعة الأعوام الماضي تدهوراً مخيفًا، حيــث باتت مهنة الصحافة من أكثر المهنُ خطورة، إذ يسجل اليمن كواحد من أسوأ البلدان فيما يتعلق بانتهاك حقوق الصحافييــن والعامليــن فــي المجــال الإعلامي، وفقًا لتصنيف منظمة “مراسلون بلا حدود”، منـذ بـدء الحـرب الأهلية في العام 2014، يبقـى الصحافيون ضمن الفئات الأكثر عرضة للخطــر، بمــا فــي ذلــك الاغتيال والقتل المباشــر والاستهداف والاعتقال والحبس والإخفاء القسري والتعذيب والاعتداء بكافــة أشـكاله مـن جهـات عـدة، وبدرجات متفاوتة، بمـا فـي ذلـك الحكومـة اليمنيـة المعترف بها دولياً، وجماعة أنصارالله (الحوثيين) والمجلس الانتقالي الجنوبـي والجماعات المسلحة الأخرى. حيــث كان الشـيء الوحيــد تقريبـا الــذي اتفقت عليــه أطــراف النزاع في اليمن هو إسكات صوت الصحافة ومنع الصحافيين من ممارسة عملهم بحرية.
  • ولعدة سنوات، واجه الصحفيون في اليمن مستويات متزايدة من العنف والترهيب والقتل. لقد أدانت المنظمات التي نمثلها مرارا وتكرارا وبقوة الافتقار إلى الحماية التي يتمتع بها الصحفيون للقيام بعملهم بأمان وحرية، سواء كانوا يغطون الجريمة المنظمة أو الشؤون السياسية أو الفساد، أو النزاع المسلح.
  • وفي الواقع، شهد كل عام منذ عام 2015  ارتفاعًا في عدد الصحفيين الذين قُتلوا. ولقد سلطنا الضوء مراراً وتكراراً على الأهمية المتزايدة لهذا الوضع والحاجة إلى تعزيز الإطار القانوني لحماية حرية التعبير. إذ سجلت عدة منظمات محلية ،مقتــل 54 صحافيًا يمنيًا بينهم صحفيتان على الأقل ، بمعدل أكثـر من 5 صحافيين كل عــام، فــي حــوادث مختلفــة أبرزها الاغتيال والاستهداف خلال النزاع المسلح، بسبب نقل الأخبار وتقديم المعلومات للجمهور. ولا تشمل هذه الأرقام العديد من الصحفيين الذين يتعرضون لكثيرٍ من الهجمات غير المميتة كالتعذيب والاختفاء القسري والاعتقال التعسفي والترهيب والمضايقات، ويقعون تحت وطأة هذه الهجمات. وكما ويتم إسكات الصحفيين، بالإضافة إلى المدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان، من خلال تكتيكات أخرى، بما في ذلك إساءة استخدام قوانين التشهير والقوانين الخاصة بمكافحة الإرهاب، واتهامات عنأخبار مزيفةومضايقات عبر الإنترنت.
  • وفي 52 حالة من أصل 54 حالة قتل، يفلت القتلة من العقاب، ويتم حرمان الضحايا من الإنصاف، فعلى سبيل المثال كانت أول جريمة قتل ممنهج بحق صحفي يمني كما يقول تقرير لجنة الخبراء المعني باليمن الصادر في يناير/كانون الثاني 2019، “هي جريمة قتل راح ضحيتها الصحفي الاستقصائي محمد عبده العبسي، الذي قتل في ديسمبر/كانون الأول 2016، في صنعاء وكان يعد تحقيقا بشأن تورط قادة الحوثيين في ملف فساد استيراد الوقود لتمويل النزاع الدائر، وقد طالب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية “اليونسكو” بإجراء تحقيق شامل ومستقل في مقتل العبسي، لكن ذلك لم يحدث”، وقال محامي الدفاع بأن سلطات جماعة أنصارالله (الحوثيين) في صنعاء تعاملت مع القضية بنوع من اللامبالاة حيث استمرت مرحلة جمع الاستدلالات 3 سنوات قبل أن يتم رفع ملف القضية إلى نيابة غرب صنعاء التي رفضت السير بإجراءات التحقيق في القضية، واستدعاء المتهمين للمثول أمامها بالرغم من تقديم طلبات لاستيفاء بعض النواقص في ملف القضية، وبعد مرور نحو سبع سنوات وفي نوفمبر/تشرين الثاني2022 أصدرت النيابة قرار بحفظ القضية لعدم كفاية الأدلة.
  • ومنذ العام 2020 تصاعدت وتيرة الاغتيالات الممنهجة للصحفيين، وكانت عملية اغتيال مراسل التلفزيــون اليابانـي “صابــر الحيــدري” بعبوة ناسفة انفجرت بسيارته، فـي يونيو/حزيـران 2022، في محافظة عدن، ليست سوى الأحدث في سلسلة طويلة من الصحفيين الذين أسكتهم الموت، بينهم المصور الصحافي فــواز الوافـــي الذي قتل في سيارته فــي مــارس/آذار 2022، في محافظة تعز، اغتيـال الصحفية رشـا الحـرازي” فـي نوفمبـر/ تشــرين ثــاني 2021، اغتيــال مصور وكالة “فرانس برس”، “نبيــل القعيطي” علــى يــد مجهولين مسلحين أطلقوا النــار عليــه فــي يونيو/حزيــران 2020، في محافظة عدن، بالتوازي مع ذلك هناك عدد أكبر من الصحفيين الذين خضعوا لمحاكمات والرقابة بأشكال أخرى من الترهيب.
  • وأدانت المنظمات الموقعة على هذا البيان، بشكل منفصل كافة هذه الجرائم التي تعرض لها، لكن وبشكل منهجي فشلت سلطات إنفاذ القانون سواء الخاضعة لجماعة أنصارالله (الحوثيين)، أو سلطات الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، في إجراء تحقيقات نزيهة من شأنها تؤدي إلى محاسبة الجناة المتورطين في جميع هذه الجرائم.
  • لذلك، يجب ألا تستمر دورة الإفلات من العقاب هذه، ويجب على الأمم المتحدة الضغط على أطراف النزاع في اليمن ودعوتها للبدء باتخاذ إجراءات دقيقة وفعالة وفورية لإنهاء الإفلات من العقاب في كافة الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين، ومحاسبة ومساءلة الجناة المتورطين في تلك الجرائم، ووقف دوامة العنف التي تقوض سلامة الصحفيين في البلاد.
  • لقد سلطنا الضوء مراراً وتكراراً على الأهمية المتزايدة لهذا الوضع والحاجة إلى تعزيز الإطار القانوني لحماية حرية التعبير، كما أدانت المنظمات الموقعة على هذا البيان بشكل منفصل، كل الانتهاكات المرتكبة ضد الصحفيين في اليمن، كما أدانت انعدام الضمانات لحرية الصحافة في اليمن.
  •  واليوم، نطالب بصوت واحد من الحكومة اليمنية وجماعة أنصار الله (الحوثيين) وقف الانتهاكات التي تمارس بشكل مخيف ومتزايد بحق الصحفيين/ات والناشطين/ات والعاملين/ات في مجال الإعلام بصورة فورية، وتطبيق القانون بما يحفظ الحقوق والحريات ويمنع إفلات المنتهكين من العقاب الذين يهدفون إلى اخفاء الحقيقة وإرهاب العاملين/ات في مجال الإعلام.
  • وندعو أطراف النزاع إلى فتح الباب أمام المقرر الخاص بحرية التعبير، لدراسة المستوى المتزايد للعنف واقتراح حلول تعالج الإفلات من العقاب، مرة واحدة وإلى الأبد. وفي ضوء هذه الخبرة، نحث أطراف النزاع على الالتزام الصادق بالمشاركة في حوار هادف وتنفيذ حلول فعالة نيابة عن مهنة الصحافة، قبل أن تزداد بيئة حرية التعبير سوءًا.

وتشدد المنظمات الموقعة على هذا البيان، على الجهات المعنية القيام بإجراءات من خلال:

  • الحث على إجراء تحقيق فوري وجاد من أجل إيجاد آليات عملية وفعالة تنهي بشكل حاسم حالات الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين في اليمن.
  • ضرورة إنشاء لجنة مشتركة دولية ومحلية مستقلة للتحقيق في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين من قبل كل الأطراف.
  • مطالبة الحكومة اليمنية وجماعة أنصارالله (الحوثيين)، ومؤسسات إنفاذ القانون ذات الصلة بالعمل بقوة من أجل محاسبة أولئك الذين ارتكبوا جرائم ضد الصحفيين وأن مرتكبي هذه الانتهاكات لن يظلوا مجهولين.
  • مطالبة جميع الأطراف المعنية بتوفير الحماية المناسبة للصحفيين حتى يتمكنوا من القيام بأعمالهم الإعلامية إلى أقصى حد.
  • اعتماد توصيات خطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب.
  • إجراء تحقيقات فعالة وفورية وشاملة ومحايدة ومستقلة وشفافة وحقيقية في كافة قضايا القتل والاغتيالات التي تعرض لها الصحفيون وإحالة المتورطين في هذه الانتهاكات إلى المحاكمة العادلة.
  • إطلاق سراح الصحفيين الذين تم اعتقالهم تعسفياً، أو قضوا فترة عقوباتهم، أو واجهوا انتهاكات للإجراءات القانونية الواجبة؛ فوراً.
  • الفصل في قضايا الصحفيين المعتقلين أمام محكمة الصحافة والمطبوعات وفقاً للمعايير الدولية وعدم ملاحقة الصحفيين في إجراءات أمن الدولة المتخصصة.
  • وقف كافة الإجراءات التي تقيد الصحفيين والامتناع عن إصدار القرارات أو الإجراءات التي تعيق قدرتهم على القيام بواجبهم الصحفي.
  • الكف عن استغلال الصحفيين/ات للعمل دون عقود واضحة تضمن حقوقهم وعدم تعريضهم للخطر، وحظر كل أشكال الإجراءات الانتقامية ضد الصحفيين/ات على خلفية ممارستهم حق الرأي والتعبير.
  • ضمان قدرة جميع الصحفيين والمؤسسات الإعلامية على العمل بحرية واستقلالية.

|  الخميس 2 نوفمبر 2023

إعداد للنشر: حمزة الجبيحي

إعداد للنشر: حمزة الجبيحي

صحافي ميداني، ومصور إحترافي، يعمل مدير إدارة الوسائط المتعددة في مركز فري ميديا للصحافة الاستقصائية، ومدير تنفيذي في مؤسسة دايموند ميديا للإنتاج الإعلامي المرئي.

شارك