حمزة الجبيحي: معظم السجناء أصيبوا بإعاقات وأمراض مزمنة وبالجنون والبعض قتل تحت التعذيب

سياق التقرير

حاوره: عامر عبدالكريم

عاش حمزة الجبيحي، وهو أحد الصحافيين اليمنيين، تجربة اختطاف مؤلمة مع والده الأستاذ يحيى عبد الرقيب الجبيحي، والذي كان يعمل رئيساً للدائرة الإعلامية بمجلس الوزراء، حيث قامت جماعة أنصارالله (الحوثيون)، باختطاف الأستاذ يحيى ونجله حمزة عام 2016 بتهمة التخابر، وما بين اعتقال الأب والإبن، ثم الإفراج عن الأب واستمرار اختطاف الإبن في سجونها عملت مليشيا الحوثي وعلى مدى سنوات على ابتزاز الوالد، وابتزاز الرأي العام بحرية حمزة، الذي قدَّم صورةً في الصبر والثبات.
التقينا حمزة الجبيحي عقب الإفراج عنه، في صفقة لتبادل الأسرى آواخر سبتمبر/أيلول 2021، وفي لقائنا به، تحدث الجبيحي عن ظروف اعتقاله، أو بالأحرى اختطافه من قبل الحوثيين، فإلى الحوار:

لماذا تم اعتقالك؟

تم اختطافي لأني كنتُ ناشطاً ضد الحوثيين، وكتبت عنهم الكثير من المنشورات والمقالات في مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية، وبحسب تصنيفهم، فقد اعتبروني محرضاً ضد الدولة.. دولتهم طبعاً.

لماذا رفض الحوثيون الإفراج عنك رفقة والدك؟

هم برروا ذلك، بأنني معتقل لديهم لأن لدي قضية عندهم (تهمة التحريض) ولذلك فهم متمسكون بي والغرض أن أصبح نقطة ضعف لوالدي.

اشرح لنا ظروف الاعتقال والسجن.. وهل تعرضت للتعذيب وما هي اشكال التعذيب التي تعرضت له؟

الاعتقال كان تعسفيا، حيث تم اختطافي من الشارع بطريقة بلطجية ميليشياوية حيث جاءت لاختطافي حملة مسلحة من أربع سيارات جميع من فيها يلبسون مدني وملثمين ومسلحين ولا يوجد حتى فرد واحد يلبس لباس عسكري لكي يمثل “لدولة”.

هل تم سجنك مع بقية الصحفيين المعتقلين لدى الحوثيين؟ ومن الصحفيين الذين صادفتهم في المعتقل وكيف هي أوضاعهم؟

نعم، قضيت السنة الاخيرة من سجني مع الزملاء الصحفيين الأربعة الذين حكم عليهم الحوثيين بالإعدام وهم (عبدالخالق عمران – توفيق المنصوري – الحارث حميد – أكرم الوليدي).. وأوضاعهم صعبة للغاية خصوصاً في الفترة الاخيرة تمت مضايقتهم ومصادرة ملابسهم ومقتنياتهم كما تم اخفاء الزميل عبد الخالق عمران في زنزانة انفرادية متر × متر ونصف، وتم تركه يفترش الاسمنت، دون أي فراش لمدة شهر ونصف، تم خلالها تعذيبه بالضرب والتعليق.

هل تم التحقيق معك؟ ومن قبل من؟ وبأي تهمه وهل قدموك للمحاكمة ؟

نعم.. تم التحقيق معي من قبل ما يسمى بالأمن القومي الخاص بالحوثيين، حيث أن هذا الجهاز هو الجهة التي قامت باعتقالي وبعد مرور اكثر من سنة وتسعة أشهر بمخالفة قانونية) تم تقديمي للمحاكمة بتهمة التحريض ضد الدولة (حسب وصفهم) تم عقد سبع جلسات من تلك المحاكمة، إلا أن الحملات الاعلامية المتضامنة معي آنذاك ضغطت على القاضي فأعاد ملف القضية للنيابة الجزائية لعدم كفاية الأدلة.. وبقيت معتقلا حتى خروجي بصفقة الشهيد طارق الحميري، لتبادل الأسرى بين الحوثيين ومحافظة تعز يوم 29 سبتمبر 2021م.

ماهي الاتهامات التي وجهت للصحفيين ؟ وكيف تم التحقيق معهم ومن قبل من وأين؟

الاتهامات التي وجهت إليهم تمثلت في مزاعم التحريض ضد الدولة، والتعامل مع المرتزقة والعدوان (حسب وصفهم)، وقد تم التحقيق مع زملائنا الصحافيين المختطفين من قبل الامن السياسي في صنعاء، وتعرضوا لأبشع صور التعذيب والتنكيل من قبل العناصر الأمنية التابعة للحوثي، لإجبارهم على الإدلاء باعترافات وهمية.

 كيف تصف لنا تجربة السجن؟ وما اقسى اللحظات التي مررت بها في السجن؟

تجربة السجن لدى الحوثيين رغم مرارتها، الا أن فائدتها عظيمة جداً، وهي انني ازددتُ تعمقاً في معرفتي بمساوئ الحوثيين، وزاد كرهي لهم أكثر وأكثر..
أما أقسى لحظة مرت علي، فهي يوم أخرجت انا ووالدي من السجن حتى وصلنا الى آخر بوابة داخلية للسجن، وتم حينها الافراج عن والدي بحمد الله، بينما قرروا اعادتي إلى الزنزانة بحجة استكمال اجراءات الإفراج عني والتي قد تستغرق يومين أو ثلاثة أيام، ثم يتم الإفراج عني، لأستمر بعدها في السجن، لا يومين ولا ثلاثة، بل أكثر من أربع سنوات!
ما الاضرار الصحية والنفسية التي تسبب بها الاعتقال لك بصفة خاصة ولزملائك بصفة عامة؟
بالنسبة للأضرار الصحية التي تعرضنا لها، فمعظم السجناء خرجوا وقد اصيبوا بعدة امراض مزمنة وخطيرة والبعض إعاقات وآخرون أصيبوا بالجنون، فيما استشهد عددٌ آخر متأثراً بالتعذيب وانتقلوا إلى رحمة الله.
أما أنا فالحمد لله، ما تعرضت له أهون وأقل مما تعرض له غيري من زملائي في السجن، فقط بعض الأمراض البسيطة، غير الخطرة، وأعتقد أن سبب ذلك أني كنتُ دائماً أسعى لرفع معنوياتي وأرفض الخضوع أو الاستسلام لواقع السجن وما يريده السجان.

لماذا لا تتبنى النقابة برامج تدريبية لإعادة تأهيل الصحافيين في المهارات الإعلامية والسلامة المهنية وترسيخ القيم والأخلاقيات المهنية لدى الصحفيين؟

الكارثة التي حصلت للصحافة اليمنية هي أشبه بزلزال أدى إلى انهيار القيم الصحفية والاخلاقية والمهنية بسبب الدخلاء على المهنة، وانحراف مسار العملية الصحفية والرسالة الصحفية وتحولها إلى منابر للحرب أكثر من كونها منابر للسلام.
النقابة تبذل جهداً في إعادة مفاهيم العمل الصحفي من خلال إقامة ندوات لنبذ الكراهية والتطرف وغيرها وأيضاً إعادة القيم المهنية، لكن الحرب كارثة أكبر من أن تتحملها النقابة، وهي كارثة على مستوى اليمن بشكل عام، دمرت الكثير من المفاهيم والقيم الأخلاقية، في الحرب تعتبر الصحافة الهدف الرئيسي الأكبر لكل جماعة تسيطر على الأرض، حيث تريد أن تسيطر على الإعلام أيضاً، وتحوله من إعلام حكومي عام أو شعبي إلى إعلام خاص بها وإعلام حربي.

شارك