تصوير | خالد فؤاد

إستهداف سجن النساء في مدينة تعز

تحقيقات معمقة

حول الحادثة

  • المنطقة المستهدفة: سجن تعز المركزي.
  • الموقع: ع غرب ، مديرية المظفر ، المدينة
  • التاريخ: 5 أبريل / نيسان 2020
  • التوقيت: 16:30 – 16:57 بالتوقيت المحلي.
  • الأهداف المزعومة: جناح النساء.
  • عدد القتلى “بناءً على”: 8 بينهم طفلين.
  • عدد الجرحى “حسب معروض”: 7.
  • المسؤول عن الهجوم عن هجوم: جماعة “أنصار الله” الحوثيين.

المقدمة:في الخامس من أبريل/نيسان 2020، تعرض سجن تعز المركزي لثلاث قذائف “هاون” أطلقتها جماعة “أنصار الله” الحوثيين، أصابت إحدى القذائف ساحة جناح النساء مما أدى إلى سقوط 8 قتلى بينهم طفلين كانوا في زيارة اهاليهم، وجرح ٧ آخرين، يأتي هذا الهجوم عقب وعود بالإفراج عن عدد من النزيلات بعد تقديم ضمانات، وذلك ضمن إجراء اتخذته السلطات في المدينة للحد من انتشار فيروس “كورونا المستجد” داخل السجون، وقد لاقى الحادث تنديداً محلياً ودولياً واسعاً بوصفه يرقى إلى جرائم الحرب.

الموقع:

صورة لمدخل جناح النساء في سجن تعز المركزي من فريق التحقيقات
صورة لمدخل جناح النساء في سجن تعز المركزي من فريق التحقيقات

يقع سجن تعز المركزي في منطقة عقاقة بمديرية المظفر غربي مدينة تعز، على الطريق الوحيد المتبقي للمدينة والمؤدي إلى وادي الضباب المحاذي لمناطق الاشتباك بين أطراف النزاع، ويبعد السجن 2 كيلومتر تقريباً عن أقرب موقع عسكري يسيطر عليه الحوثيون.

ماذا حدث ومتى؟

صورة من فريق التحقيقات تظهر مكان سقوط قذيفة الهاون في السجن.
صورة من فريق التحقيقات تظهر مكان سقوط قذيفة الهاون في السجن.

حدث هجوم جماعة “أنصار الله” الحوثيين على سجن تعز المركزي في الخامس من أبريل/نيسان 2020، حوالي الساعة (16:30 ـ 16:57) بالتوقيت المحلي، وقد قتل الهجوم 8 أشخاص وجرح 7 آخرين.

بدأت التقارير الأولى عن الهجوم تظهر على مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك – تويتر”، إذ تداول ناشطون وإعلاميون محليون على صفحاتهم، في 5 أبريل/نيسان من العام الجاري، أنباءً عن تعرض جناح النساء في سجن تعز المركزي للقصف بقذائف الهاون، أودى الهجوم الى سقوط عدداً من الضحايا بين قتلى وجرحى أغلبهم من النساء، لتتوالى أخبار وصور الحادث على القنوات الفضائية والمواقع الإخبارية.

نشر “ابو سعيد” على حسابه في تويتر تغريدة عند الساعة (04:57) مساءً بالتوقيت المحلي، أشار الى تعرض السجن المركزي بتعز للقصف، ويعتبر “ابو سعيد” من أوائل من تداول الحادث عبر منصات التواصل الإجتماعي[

يقع سجن تعز المركزي في منطقة عقاقة بمديرية المظفر غربي مدينة تعز، على الطريق الوحيد المتبقي للمدينة والمؤدي إلى وادي الضباب المحاذي لمناطق الاشتباك بين أطراف النزاع، ويبعد السجن 2 كيلومتر تقريباً عن أقرب موقع عسكري يسيطر عليه الحوثيون.

يشير الطابع الزمني لمنشورات مواقع التواصل الاجتماعي مثل المنشورين أعلاه ”فيسبوكتويتر”، بالإضافة إلى شهادات أشخاص تواجدوا بالقرب من جناح النساء، إلى أن الهجوم كان بين الساعة (16:45 – 16:57) بحسب التوقيت المحلي.

ثم توالت الأنباء على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الناشطين والإعلاميين مرفقة بعدد من الصور الحية لتفاصيل الدمار ودماء الضحايا التي خلفها القصف على السجن، حيث نشر حساب “عبد الوهاب الذبحاني”، على فيسبوك عند الساعة (05:05)، خبراً مرفقاً بعدد من الصور لمكان الحادث.

في نفس اليوم تناولت العديد من الوكالات الدولية والقنوات الفضائية ومواقع الأخبار أنباء الحادثة، بالإضافة لتوثيق العديد من مقاطع فيديو بعد القصف بوقت قصير لمكان الحادثة، وقد نشرت بشكل كبير على مواقع وشاشات تلك الجهات.

لقطة شاشة من تقرير فيديو “مشاهدة نت” عن الحادثة يظهر آثار الهجوم في قسم نساء.
لقطة شاشة من تقرير فيديو “مشاهدة نت” عن الحادثة يظهر آثار الهجوم في قسم نساء.
فقرة من الخبر الذي نشرته وكالة شينخوا الصينية عن الحادثة.
فقرة من الخبر الذي نشرته وكالة شينخوا الصينية عن الحادثة.

في 6 أبريل/نيسان 2020، أي بعد يوم من الحادثة، أصدر مكتب “منسقة الشؤون الانسانية” التابع للأمم المتحدة في اليمن بياناً يدين استهداف سجن تعز المركزي جاء فيه: “وفيما قدمت منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن “ليز غراندي” تعازيها لعائلات وأحباء الضحايا متمنية الشفاء العاجل للمصابين، قالت إنه لا يمكن تبرير مثل هذه الضربة، التي أدت إلى قتل وإصابة النساء والأطفال العزل”، مضيفة “أنه انتهاك مروع للمبادئ الإنسانية الدولية.

في نفس اليوم، نشرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن على فيسبوك منشوراً تأسف فيه للهجوم الذي تعرض له سجن تعز المركزي مخلفاً قتلى وجرحى من النساء والاطفال.

فيما وصف مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن “مارتن غريفيث”، عبر تغريدة على حسابه الرسمي في تويتر، الهجوم الذي تعرض له سجن تعز المركزي بالشنيع.

نفت جماعة “أنصار الله” الحوثيين بدورها مسؤوليتها عن الهجوم، وذلك في تغريدة نشرها المتحدث العسكري “يحيى سريع” على تويتر، جاء فيها: “ننفي نفيًا قاطعًا ما تداولته بعض وسائل إعلام العدوان ومرتزقتهم بخصوص استهداف سجن النساء بمحافظة تعز من قبل قوات الجيش واللجان الشعبية، ونؤكد أن مثل هذه الأكاذيب لن تغير في مجريات الواقع الإجرامي للعدو أو تعفيه عن إجرامه الشامل بحق الشعب اليمني”.

شهود عيان

أجرى فريق الأرشيف اليمني مقابلات مع بعض الجرحى ومسؤولي السجن وعمال مرتبطين بالحادث، بالإضافة لإجراء مقابلات مع مواطنين يقطنون في المنطقة، ووفقاً لإحدى الجريحات، حُجب اسمها بحسب طلب مسؤولي السجن، تقول: “كنا بجلسة مقيل في ساحة السجن مع صديقاتي في لقاء جماعي قبل الخروج، وذلك بعد صدور أمر الإفراج عنا، بقينا نتبادل الحديث والضحك وفجأة سقطت قذيفة، ذهبت للغرفة لجلب الماء وهرعت للخارج فرأيت مشهد مرعب وقبيح جداً، أشلاء ودماء صديقاتي مبعثرة، وجثثهم مرمية في المكان، حاولت اسعاف الشرطية فسقطت قذيفة أخرى فأصبت بشظايا في يدي”.

وأفادت مواطنة تعيش بمقربة من خطوط التماس غربي المدينة:

“سمعت صوت أول مقذوف انطلق من اتجاه منطقة الربيعي مركز تواجد الحوثيين، وقفت أمام المنزل، واذ بثاني مقذوف ينطلق باتجاه شارع الثلاثين، أجريت اتصال للتأكد أين وقع الانفجار بالضبط، وأخبروني أنه في السجن المركزي، ذهبت الى هناك وأثناء تواجدي في المكان وإذا بمقذوف ثالث سقط في ركن السجن”.

وقال الرقيب ثاني “توفيق علي”، يعمل في السجن، “عند حوالي الساعة الرابعة عصراً كنا بالقرب من سجن النساء حينما أصابت القذيفة السجن، توجهنا إلى بوابة الجناح فوجدنا 7 نساء قد فارقن الحياة و8 جرحى منهن مبتورات الأقدام والأيدي، إحداهن شرطية كانت تقوم بالخدمة توفيت بعد يومين من الحادثة، ونحنا هناك وصلت قذيفة اخرى قريبة من المكان وتبعتها الثالثة أبعد منها قليلاً، في نفس الوقت سقطت قذيفة عند بوابة السجن قتلت سائق شاحنة، إجمالي القذائف التي سقطت في الخامس من أبريل/نيسان، 6 قذائف داخل السجن ومحيطه”

وأشار “أنور صادق الكامل” مدير متابعة سجن تعز المركزي إلى أن من ضمن حصيلة القتلى في 5 أبريل/نيسان 2020 طفلين كانا في زيارة والداتهم فضلاً عن 6 نساء بينهن شرطية، وجرح 8 اخريات بالقصف الذي شنته جماعة الحوثي بثلاث قذائف هاون.

تحليل الدمار من الداخل والخارج:

رصدت صور من داخل السجن الضرر في ساحة جناح النساء على جدرانه وأعمدته، حيث بيّنت مكان سقوط القذيفة الأولى وسط ساحة جناح النساء في السجن، وذلك على بعد أمتار من مكان تجمع النزلاء والزائرين.

تطايرت شظايا القذيفة الأولى في كل الاتجاهات لكن بحسب الصور التي نشرها “خالد فؤاد البناء” بصفحته على فيسبوك، توضح المقارنة الجانبين الأكثر تضرراً من الهجوم ومكان التجمع الأساسي للنزلاء

التحقق

قام فريق الأرشيف اليمني بالتحقيق والتدقيق من المحتوى البصري الظاهر في الفيديوهات والصور التي التقطها الفريق والمنشورة على مواقع التواصل الإجتماعي لجناح النساء في سجن تعز المركزي، وتحليل ومقارنة المعالم الجغرافية في صور الأقمار الصناعية.

يتضح من ذلك تطابق معالم مبنى جناح النساء في سجن تعز المركزي والتضاريس الخلفية المأخوذة من “جوجل إيرث” مع المعالم الظاهرة والتضاريس البارزة في الصور التي التقطها فريق الأرشيف للمكان المستهدف بالهجوم.

وتظهر معالم ساحة جناح النساء في صور الأقمار الصناعية تطابق مع تفاصيل المبنى البارزة في الصور الملتقطة من فريق الأرشيف اليمني، حيث يبرز خزان حديدي للمياه على سطح مبنى جناح النساء بإتجاه الأعمدة المشار إليها، ونشاهد أنابيب توصيل مياه ممتدة الى طرف الساحة في الصورة الداخلية للجناح، مما يفسر ترابط الأدلة البصرية المتوفرة حول موقع الهجوم.

تظهر الصور التالية مكان سقوط القذيفة الثانية وفقا لتحديد مسؤولي السجن المركزي في تعز، على بعد 20 متر من بوابة جناح النساء المستهدف، مما يرجح صحة الوصف والمعلومات التي وردت في شهادة أحد الجنود العاملين في السجن

السلاح المستخدم

تمكن فريق الأرشيف اليمني من الحصول على صور بقايا السلاح المستخدم في الهجوم، إذ تم جمعه من قبل إدارة السجن المركزي في تعز، وهي عبارة عن هياكل قذائف هاون عيار 120 مل وأجزاء من الشظايا، وبحسب دراسة أجريت حول مدافع الهاون نشرها مركز جنيف الدولي لإزالة الألغام (GICHD)، فإن العيار 120 مل يعتبر من المدفعية الثقيلة، ويتراوح مداه بين 7 إلى 9 كيلومتر، وتحتوي القذيفة الواحدة على ما يتراوح بين 1.7 – 4.2 كيلوجرام من الحديد، وتبلغ المسافة المحتملة بين سجن تعز المركزي وأقرب موقع تسيطر عليه جماعة “أنصار الله” الحوثيين حوالي 2 كيلومتر، وذلك بالجانب الخلفي لجبل هان الاستراتيجي المطل على الطريق الوحيد للمدينة، أي في نطاق المدى الذي يصل إليه المدفع.

سيطرت جماعة “أنصار الله” الحوثيين مطلع العام 2015 على أغلب معسكرات ومخازن السلاح المخصص للجيش والأمن اليمني، وقد كان معظمه سلاح روسي الصنع بما فيه مدافع الهاون بمختلف العيارات، وتم استخدمه في النزاع الدائر بين الجماعة وقوات الحكومة الشرعية في اليمن المدعومة سعودياً.

كما كشفت جماعة “أنصار الله” الحوثيين في 22 أبريل/نيسان 2018 عن تصنيعها مدافع وقذائف متنوعة، ضمت مدافع هاون محلية الصنع أطلق عليها اسم ”رجوم”، إضافة إلى تصنيع قذائف هاون مختلفة العيارات، وأظهر مقطع فيديو عرض على قناة “المسيرة” نماذج للقذائف المعلن عنها والتي تتطابق مع بقايا القذيفة التي سقطت على السجن المركزي، وأخريات أعلنت قوات المقاومة الشعبية في تعز العثور عليها في موقع للحوثيين في الريف الجنوبي للمدينة عام 2015

الخاتمة:

بعد تحليل المحتوى مفتوح المصدر المنشور على منصات التواصل الإجتماعي والقنوات الفضائية ومواقع الأخبار، إضافة لشهادات الضحايا وأشخاص مرتبطين بالحادثة وتوثيق فريق التحقيق للمكان المستهدف، يمكن القول بأن سجن تعز المركزي تعرض للهجوم في 5 أبريل/نيسان 2020 بثلاث قذائف هاون عيار 120 مل إحداها أصابت جناح النساء بين الساعة (16:30 – 16:57) مساءً بالتوقيت المحلي، تسببت بمقتل 8 اشخاص بينهم طفلين كانوا في زيارة لأهاليهم وجرح 7 أخريات.

تتهم جهات محلية ودولية قوات جماعة “أنصار الله” الحوثيين بتنفيذ الهجوم على سجن تعز المركزي من مواقع تمركزها في أطراف المدينة، حيث يقع أقرب موقع عسكري لها على بعد نحو 2 كيلومتر عن المكان المستهدف، فضلاً عن شهادات مواطنين يعيشون بالقرب من خطوط التماس غربي المدينة أفادوا أن أصوات اطلاق القذائف أتى من اتجاه منطقة الربيعي الخاضعة لسيطرة الجماعة

خريطة توضيحية لمناطق السيطرة في مع محيط السجن ومجال إطلاق قذائف الهاون

ومن خلال تحليل السلاح المستخدم يتضح أن جماعة “أنصار الله” الحوثيين تمتلك ذلك النوع من المقذوفات، والتي قامت بالكشف عنها في تقرير لقناة “المسيرة”، حيث قالت بأنها قالت بأنها محلية الصنع، تمت صناعتها من قبل ورشة التصنيع العسكرية التابعة لهم.

( نشر هذا التحقيق بموقع الارشيف اليمني )